Page 167 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 167

‫الملف الثقـافي ‪1 6 5‬‬

‫فرناندو بيسوا‬  ‫جوليا كريستيفا‬    ‫جاستون باشلار‬                    ‫ثم يمنح الجيتار حياة أخرى‬
                                                                   ‫بديلة عن كونه تاب ًعا للذات‬
‫شخصية المحبوبة فقد اتسعت‬          ‫فقد هرب من الغابة بأقراطه‬
   ‫بين الداخل والخارج؛ بين‬                         ‫الطويلة‬        ‫التي بدت موجودة‪ ،‬ولكن في‬
                                                                ‫حالة اختفاء عن عين الرائي في‬
‫الوعي‪ ،‬واللاوعي‪ ،‬والفضاءات‬       ‫وضلل الفتيان الذين يخرجون‬     ‫المشهد؛ وهكذا تتوالى المحتملات‬
‫التجريبية للغرف‪ ،‬والشوارع‪،‬‬                       ‫من المعبد‪..‬‬
                                                                      ‫فيما وراء تلك العلامات‬
    ‫والشواطئ؛ ومن ثم فهي‬          ‫وقد تأتي لزيارتي‪ ،‬وأنا بين‬      ‫الشعرية في القصيدة؛ لتؤكد‬
 ‫تؤثر في حركة الذات الأدائية‬                  ‫جدران كثيرة‬          ‫سردها الشعري التجريبي‪،‬‬
                                                                ‫وبحثها عن المتكلم‪ ،‬أو تأكيدها‬
   ‫في المشهد رغم هيمنة بنية‬       ‫أهرب من أشباح حبيبتي على‬
    ‫الغياب؛ وسنجد أن فتيان‬             ‫النوافذ أو في الشوارع‬                ‫لهويته التمثيلية‪.‬‬
  ‫المعبد القديم ينبثقون ضمن‬           ‫حين يصلون إلى المقهى‬           ‫وقد نعاين فاعلية أخرى‬
     ‫استعارة الأم‪ ،‬وفاعليتها‬                                     ‫لطيف الأم في قصيدة الصائد‬
     ‫الحلمية‪ ،‬ويؤثرون أي ًضا‬     ‫ويعطون النادل كوفية بيضاء‬          ‫الأبيض؛ والصائد الأبيض‬
  ‫في المشهد السردي بإحداث‬               ‫ليعدد ارتعاشاتي على‬     ‫يتجلى كموضوع لفاعلية لأم في‬
  ‫دلالات مكملة لبنية الفضاء‬                   ‫أصابعه»(‪.)3‬‬       ‫القصيدة‪ ،‬ويبدو أي ًضا محتم ًل‬
   ‫التجريبي‪ /‬النصي في عالم‬                                          ‫في الخطاب الشعري؛ فهو‬
  ‫الذات المتكلمة؛ فهم يتصلون‬      ‫لقد انبثقت شخصية الصائد‬      ‫شخص فولكلوري غريب‪ ،‬ولكنه‬
  ‫بأثر المتكلم‪ ،‬وعالمه الخيالي‪،‬‬    ‫الأبيض ‪-‬إ ًذا‪ -‬كمحتمل من‬     ‫يترك أث ًرا وفاعلية أخرى خفية‬
‫وذاكرته التي تنفتح على الزمن‬                                   ‫في أشياء الذات‪ ،‬ومتعلقاتها؛ مثل‬
     ‫الآخر‪ ،‬وتحتفي بفاعليته‬           ‫تلك العوالم الرومنتيكية‬    ‫الكوفية البيضاء؛ ويجمع نص‬
    ‫المحتملة عبر زيارات الأم‪.‬‬      ‫القديمة‪ ،‬ومن طبقات صور‬       ‫فتحي عبد الله هنا بين الأجواء‬
    ‫وفيما يتعلق ببنى الفضاء‬      ‫فولكلورية كثيفة تتجاوز بنية‬        ‫الرومنتيكية‪ ،‬وشخصيات‬
                                   ‫حضور الذات المتكلمة‪ ،‬وإن‬     ‫الفولكلور القديم‪ ،‬وحلم اليقظة‬
                                  ‫امتلكت إحداث أثر في الوعي‬       ‫بالأم ضمن عمليات الارتكاز‬
                                 ‫في لحظة الحضور نفسها؛ أما‬     ‫على الشعرية النصية؛ كما يحيلنا‬
                                                                ‫إلى الفضاءات التجريبية الكثيفة‬
                                                               ‫التي تتوسطها الفراغات النصية؛‬
                                                               ‫مثل الشواطئ‪ ،‬والغرف الحلمية‪،‬‬
                                                                 ‫والمقاهي؛ ومثلما جاء الصياد‬
                                                                ‫الأبيض‪ ،‬واختفى ضمن فاعلية‬
                                                                ‫حلمية تجريبية‪ ،‬نجد شخصية‬
                                                                   ‫المحبوبة تهيمن على الوعي‪،‬‬
                                                               ‫واللاوعي في غيابها الخاص‪ ،‬أو‬
                                                               ‫في حضورها المجازي في الغرف‪،‬‬
                                                                     ‫والنوافذ المطلة على فضاء‬
                                                                     ‫رومنتيكي فسيح؛ يقول‪:‬‬
                                                                     ‫«لن ترجع إلا ويدها على‬

                                                                                  ‫الصاري‬
                                                                      ‫أو تقتل الصائد الأبيض‬
   162   163   164   165   166   167   168   169   170   171   172