Page 172 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 172

‫العـدد ‪29‬‬         ‫‪170‬‬

                                                           ‫مايو ‪٢٠٢1‬‬    ‫القديم‪ ،‬فالجاهلي على سبيل‬
                                                                      ‫المثال كان يضع قصة الصيد‬
   ‫الأنفاس أو التأمل قلي ًل‬         ‫دون أن يقطع الدليل‬                 ‫أو العشق ويسرد تفاصيلها‬
                 ‫بينهما‪.‬‬      ‫وبان الخشخاش زائ ًدا على‬                ‫عبر أبياته مستثم ًرا كل مزايا‬

   ‫صورة بيضاء وسوداء‬             ‫الفراش المليء بالمنمنمات‬                  ‫السرد من زمان ومكان‬
‫من الذي وضع لها كل هذا‬        ‫أو يهذي أمام شجرة التين‬                 ‫وحبكة‪ ،‬في نصوص (فتحي)‬

      ‫القمح لتذهب بعي ًدا؟‬      ‫التي احتفظت بها (إيمي)‬                     ‫ميل سردي واضح لكنه‬
‫قلبي بين أصابعها كمفتاح‬         ‫لتأخ ٍذ الساحر إلى مركب‬                  ‫أي ًضا يتشارك مع طريقته‬
                                                                          ‫عدم المكتملة الإيضاح في‬
           ‫شقتها القديمة‬                        ‫سكران‬                  ‫التعبير‪ ،‬فهو لا يضع السرد‬
‫وسوف تتركه معل ًقا وراء‬      ‫وتعطي له ملابس فضفاضة‬                     ‫بطريقة نقية واضحة المعالم‬
                                                                        ‫إلا أن ينتقل به من عالم إلى‬
                   ‫الباب‬       ‫بعد أن ترك فخذيه للتوت‬                   ‫آخر ليوجد فجوة من توتر‬
     ‫وتغني له عن الورود‬                        ‫الأبيض‬                  ‫تلازم الإطار العام لما يكتب‪،‬‬
                                                                      ‫لاسيما وأنه يتخذ من قصيدة‬
                 ‫الحمراء‬     ‫أو للفراشات التي تهرب من‬                    ‫النثر وسيلته للتعبير «بدأ‬
  ‫وعن أكياس القطن التي‬                          ‫النيران‬                   ‫الشعر يتخلّص من قيود‬
‫يحشوها الفلاحون بالقش‬                                                   ‫الوزن والقافية‪ ،‬ويسبح في‬
‫وعن خردوات عثروا عليها‬        ‫دون أن يقبض على الحمام‬                   ‫فضاء ح ّر فاقترب من تخوم‬
                                ‫الذي وقف على الصاري‬                       ‫السرد‪ ،‬ونحى السرد إلى‬
          ‫في محطة قديمة‬                                                ‫التح ّرر من ج ّد ّيته ومنطقيّته‬
      ‫وعن صورة بيضاء‬          ‫فقد آلمه أن حدو َة الحصان‬                  ‫الزائدة‪ ،‬ومال إلى النهايات‬
                                  ‫التي وضعها على رأس‬                     ‫المفتوحة وتع ّدد مستويات‬
                ‫وسوداء‬                          ‫الخيمة‬                  ‫المعنى‪ ،‬فاقترب من سموات‬
 ‫القلب يشبه مفتاح الشقة‬
                               ‫لم تمنع (إيمي) من زيارة‬                      ‫الشعر‪ ،‬ال َتبس الن ّصان‬
                                   ‫المقتول وتقبيل رأسه‬                  ‫ببعضهما‪ ،‬حتّى غدا عسي ًرا‬
                                                                       ‫على البعيد عن المشهد الأدب ّي‬
                                ‫بعد أن عرفت أن الساحر‬
                                           ‫الذي تزوره‬                         ‫التفريق بينهما»(‪.)3‬‬
                                                                             ‫يقول مث ًل في قصيدة‪:‬‬
                               ‫قد وزع الذخيرة في حرير‬                  ‫الساحر الذي قطع ساقه من‬
                                                 ‫أسود‬
                                                                                      ‫أجل الذهب‬
                                ‫وذهب إلى فراشه وحي ًدا‪.‬‬                 ‫لا لهاثها أوصلني إلى الميناء‬
                                                                        ‫ولا أنا تركت صاحب التاج‬
                             ‫تراكم الصور الذهنية‬
                                                                                        ‫على حاله‬
                             ‫تقوم القصيدة في العادة على‬               ‫فذهبنا إلى كهف حوله أشجار‬
                              ‫إحياء صورة ذهنية يحاول‬
                                                                        ‫وتذكرنا الساحر الذي قطع‬
                                  ‫الشاعر رسمها عبر ما‬                        ‫ساقه من أجل الذهب‬
                              ‫يمتلك من خيال تسنده لغة‬
                             ‫خاصة‪ ،‬ونعود دائ ًما في هذا‬                 ‫وأن نوره يأتي من صديق‬
                               ‫الديوان لمحور الغرابة‪ ،‬أو‬                 ‫يزوره في البواخر العابرة‬
                             ‫لنسمها الجدة في البحث عن‬
                              ‫مكنونات النص واستخراج‬
                             ‫علاقات مغايرة عبر الاعتماد‬
                               ‫على صور مجازية متعددة‬

                                ‫تأتي مع بعض‪ ،‬دون أن‬
                                ‫تترك للقارئ فرصة جر‬
   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177