Page 176 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 176

‫العـدد ‪29‬‬         ‫‪174‬‬

                                                              ‫مايو ‪٢٠٢1‬‬         ‫جاءت مع العاصفة‪.»..‬‬
                                                                             ‫حيث الترميز بالمقطع ذي‬
‫فخلع نظارته وأخذ يضحك‬             ‫إلى موسم آخر في زمكان‬                      ‫الاثنين والعشرين سط ًرا‪،‬‬
‫مع النادل‪ /‬ربما تسافر إلى‬         ‫آخر‪ ،‬ومع ما يقوله عالمها‬                  ‫للبدء‪ ،‬في الولادة فهي بدء‪،‬‬
 ‫الإسكندرية غ ًدا‪ /‬وصلتها‬         ‫الجديد في هذا الفصل من‬                  ‫وفي الإحساس بالأشياء عبر‬
‫رسالة من (كفافي)‪ /‬يشكو‬           ‫(دون أ ْن يحرق الحشائش‬                    ‫الحواس فهي ابتداءات‪ ،‬وفي‬
                                  ‫التي وضعها جينيسبيرج‬                   ‫الجنس‪ ،‬فهو بدء لمعا ٍن كثيرة‪.‬‬
     ‫من الشموع التي تؤلم‬       ‫على سريره) مان ًحا لتفاصيل‬                 ‫على حين جاء الترميز للحرية‬
‫أصابعه‪ ،»..‬هنا يصل معهما‬       ‫الطبيعة حرية القول‪ ،‬والفعل‬                    ‫بين يدي الولادة بالشاعر‬
                                                                              ‫الأمريكي (جينيسبيرج)‬
     ‫إلى الفصل الأخير من‬            ‫اللذين يحمل مشهدهما‬
‫الزمان‪ ،‬والجهة الأخيرة من‬         ‫المعنى الشعري‪ .‬حتى إذا‬                       ‫صاحب قصيدة (عواء)‬
                               ‫انتقل إلى المقطع الثالث صار‬               ‫الشهيرة‪ .‬وبـ(أوراق العشب)‬
                   ‫المكان‪.‬‬         ‫منتميًا إلى فصل ثالث في‬                ‫لمعنى الولادات المتكررة التي‬
‫وهو إذ يو ّزع النص الطويل‬       ‫الزمكان وصار اسمها الآن‬
                                ‫(إيمي) وصار لممكناتها مع‬                   ‫هي مجموعة أعمال الشاعر‬
  ‫إلى أربعة مقاطع يستعيد‬           ‫إيقاع الحياة صوت آخر‬                       ‫الأمريكي الشهير (والت‬
   ‫معها رمزية الفصول في‬            ‫يجتهد الشاعر في إعلانه‬
‫الزمان‪ ،‬والجهات في المكان‪،‬‬      ‫تفاعليًّا مع ممكنات المتلقي‪:‬‬                ‫وايتمان) ليقوم المقطع على‬
    ‫وكثي ًرا من الممكنات في‬      ‫«لم يأخذ يدها إلى صدره‪/‬‬                  ‫مشاهد‪ ،‬كل لقطة منها تحيل‬
    ‫الحواس أي ًضا‪ ،‬وينفتح‬        ‫واكتفى بقطف الأزهار من‬                  ‫المتلقي إلى حافة معنى شعري؛‬
   ‫مع الدلالة الشعرية على‬       ‫النافذة‪ /‬ربما ذهبت روحه‬                     ‫يتخيله ولا يمسك به‪ ،‬وهنا‬
                                   ‫إلى الذين احترقوا‪ /‬على‬                 ‫على المتلقي أن يتفاعل مع تلك‬
      ‫إيحاءات المشهد الذي‬      ‫أطراف الحقول ولن يجد لهم‬
 ‫يرسمه بكثير من الممكنات‬       ‫أث ًرا‪ /‬فقد ماتوا من الهلاوس‬                  ‫المشاهد‪ ،‬بالقطع والتقريب‬
                                                                            ‫وإكمال ما يحتمل الإكمال‪.‬‬
     ‫السردية انفتا ًحا يتيح‬           ‫التي صاحبتهم أثناء‬                    ‫وفي المقطع الثاني ينتقل إلى‬
    ‫للمتلقي أن يكون قار ًئا‬     ‫الهروب‪ /‬بينما (إيمي) على‬                   ‫فصل ثا ٍن من حركة الرموز‬
     ‫تفاعليًّا في المشاركة في‬  ‫حالها‪ /‬تقرأ (أوراق العشب)‬                    ‫نفسها والمشاهد في أبعادها‬
 ‫الأحداث‪ ،‬وليس في تأويلها‬                                                   ‫الأخرى؛ لأنه انتقل بها إلى‬
   ‫أو هكذا تقول أخيلة بناء‬             ‫وتهمس في أذنه‪.»..‬‬                    ‫زمان آخر‪ ،‬وجغرافية عمل‬
                                  ‫فقد صارت الحياة معهما‬
              ‫النص عنده‪.‬‬        ‫إلى قطاف مختلف‪ ،‬وصاروا‬                        ‫أخرى‪« :‬ساعي البريد لم‬
 ‫النص الطويل عنده يتوزع‬          ‫إلى ماض‪ ،‬وصار الحاضر‬                      ‫يترك لها رسالة في المقهى‪/‬‬
                               ‫عندهما مسكو ًنا (تأكل الطير‬                 ‫ولا حمل معطفها الذي يبلله‬
     ‫على أربعة فصول‪ ،‬إنه‬           ‫من رأسه)‪ ،‬وهنا (إيمي)‬
    ‫عام كامل ولهذا ينتمي‬        ‫يرسمها محتفلة في حريتها‬                       ‫المطر‪ /‬لما انتبه إلى صدر‬
                                                                               ‫(جينيسبيرج)‪ /‬وتمنّى‬
       ‫فيه لممكنات الطبيعة‬          ‫بالاجتهاد‪ ،‬وفي قدراتها‬                   ‫أن يقطف زهوره القانية‪/‬‬
    ‫وفيوضها‪ ،‬مان ًحا إياها‬         ‫بالإنجاز‪ .‬حتى إذا صار‬                   ‫دون أن يأتي إلى زيارتها في‬
 ‫القدرة على الكلام والإيحاء‬      ‫بهما إلى المقطع الرابع كان‬                ‫الليل‪ /‬وإن رأى عنقود عنب‬
     ‫في خلال المشهد الذي‬         ‫في ثمالة الفصول‪ ،‬وقد بلغ‬                   ‫على بابها‪ /‬لا ينصرف إلى‬
  ‫يقوله في النص‪ ،‬أكثر مما‬       ‫به النضج أقصى الحضور‪،‬‬                     ‫المنازل الأخرى»‪ ،‬حيث ينتقل‬
  ‫تقوله الانزياحات اللفظية‬     ‫وأدنى الغياب‪ ،‬حتى أنه‪« :‬لم‬                 ‫بها‪ ،‬تلك المولودة التي حملها‬
     ‫لعالم الكلام‪ ،‬وكأنه في‬    ‫يجدها في الحانة يوم الأحد‪/‬‬                 ‫قصيرة الأطراف على ذراعيه‪،‬‬
    ‫النص المطول يستوعب‬
   ‫الزمان والمكان وفاعلهما‬
   ‫البشري استيعاب حرية‬
 ‫لا ظلال قيود‪ .‬وهذا النهج‬
     ‫في التوزيع على أربعة‬
   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180   181