Page 180 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 180

‫العـدد ‪29‬‬                               ‫‪178‬‬

                                                         ‫مايو ‪٢٠٢1‬‬                        ‫عبد الوهاب الملوح‬

       ‫الموسيقى‪ ،‬الرسم‪،‬‬     ‫ليس هناك من سبيل‬             ‫مقدمة لولوج شعرية فتحي عبد الله‬  ‫(تونس)‬
       ‫القصص‪ ،‬المسرح‪،‬‬
        ‫السينما‪ ..‬كل هذه‬   ‫لهذا الوجود غير أن يدخل‬
  ‫الإنتاجات الثقافية وكل‬     ‫في طواعية اللغة بكل ما‬
    ‫الفنون هي باختصار‬        ‫في أشكال حضورها من‬
  ‫شعرية‪ ،‬وسوف نحاول‬            ‫فضولية‪ ،‬وليس لهذي‬
‫أن نبرز بشكل أعمق كيف‬        ‫اللغة من كينونة غير أن‬
 ‫إن كل التجارب المتوهجة‬
 ‫للحياة وإدراكات الأشياء‬   ‫تتفاعل مع هذا الوجود في‬
                             ‫مختلف تقلباته المزاجية‬

                          ‫المباغتة وتغيراته المتناقضة؛‬
                           ‫فهو إ ًذا تحيين الرهان بين‬

                               ‫اللغة والموجود على أن‬
                           ‫يظل هذا التجاذب متجد ًدا‬

                              ‫على مستوى فتنته‪ ،‬بما‬
                            ‫يجعل من الإقامة في هذا‬
                          ‫الكون إغرا ًء أبد ًّيا‪ ،‬فيروض‬
                            ‫الانفعال وتداعياته ويبلغ‬

                                ‫به قمة فتون الحدس‬
                                          ‫الإدراكي‪.‬‬

                            ‫يفقد الشاعر صفاته حين‬
                                ‫يكون في موضع غير‬

                              ‫التطفل على علاقة اللغة‬
                              ‫بالوجود‪ ،‬باعتباره أحد‬
                               ‫الرهانات بين الوجود‬
                            ‫واللغة‪ ،‬بل إن من صفاته‬
                           ‫الجوهرية أنه ذلك الملتبس‬
                            ‫مع ذاته من أجل صياغة‬

                                ‫جمالية لهذا الوجود‪،‬‬
                               ‫فهو المعن ُّي بكتابة هذا‬
                               ‫الكون شعر ًّيا‪ ،‬لذلك لا‬
                           ‫تأتي قصيدته مجانية على‬
                           ‫الإطلاق‪ ،‬طالما أنها تكشف‬
                          ‫عن الشعري في الموجودات‪.‬‬
                              ‫وهو ما ذهب إليه جان‬
                           ‫أونيموس في كتابه الأخير‬
                              ‫«ما هي الشعرية» حين‬
                              ‫قال‪« :‬يتجاوز الشعري‬

                                 ‫على نطاق واسع ما‬
                            ‫نسميه الشعر‪ ،‬فالرقص‪،‬‬
   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184   185