Page 183 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 183
181 الملف الثقـافي
محمود قرني عبد القادر الجنابي بشر فارس ويغني على الأوتار المشدودة
حكاية الضعيف الذي
والتخييل ،وجدلية السرد الأيديلوجيات الكبرى، رآي هلا ًل على بيته
والشعر ،ثم ينهض بها بل لعلها مرثية لزمن وصفق أربع مرات
فكرة متجددة ثائرة عن السرديات الكبرى والرموز
تصنيم الرموز الفنية. الأيديولوجية والفنية حتى شق العابرون صدره
لا تكاد فقرة من الكبرى ،بما قد يبشر واخذوه إلى أمه
هذا الكتاب الشعري
تخلو من ذكر الشاعر بعصر آخر جديد. حتى تنزل الأمطار
الأمريكي ذائع الصيت إن السرد هنا ليس غاية ويصحو على قلادة بيضاء
«ألن غينسبرغ» صاحب لذاته ،هو يخدم الشعرية
قصيدة «عواء» وقصيدة في سياق ملحمية أعمق بين يديه
«قاديش» ،طب ًعا هناك هي ملحمية الشاعر المكابد فيضرب بعصاه الطريق
إشارات بالغة الأهمية للمعنى ،والذي ينتفض ويرجع إلى حبيبته في ثياب
لعلامات شعرية تركت على المعنى المتكلس ،لذلك
أثرها العميق على الثقافة جديدة»
الإنسانية في القرن هو يعود وبذكاء نادر هذه القصيدة نموذج
العشرين وما قبله: لتقنية الأبعاد البريشتي، مثالي على تسريد الشعر
«والت ويتمان» وكتابه عند فتحي عبد الله ،بما
يستثمرها في مفهومها تتوفر عليه من عدة سردية
«أوراق العشب» ،الشاعر الغريبي ،يغذيها بأفكاره متكاملة الأركان ،مع ذرى
اليوناني الإسكندري حول هذا العالم الموحل شعرية عالية .بل لعلها
«قسطنطين كفافيس»، أسير التوحش في داخله، تتقاطع في بنائها الهيكلي مع
يعالجها بتحليله الشعري مقومات القصة القصيرة
القائم على جدلية الواقع الحديثة ،التي جانب كبير
منها يتشاكل مع القصيدة
بالنثر ،وهو ما سبق وعبر
عنه بشر فارس ذات يوم
حين أراد أن يعرف القصة
القصيرة فقدم تعري ًفا جدي ًدا
للقصيدة بالنثر ،وفق ما
ذكره عبد القادر الجنابي،
غير أن غاية صاحب «أرعى
المياه» أبعد ما تكون مجرد
شكلية برناسية تلاعبًا بالفن
من أجل الفن ،كما ذهب إلى
ذلك الشاعر المتميز محمود
القرني إذ إن نص فتحي
عبد الله هو في الحقيقة
مجموعة نصوص متراصة
بعضها إلى بعض ،بما يعطي
النفس الملحمي لكتابه ،إنها
سردية كبرى في زمن انهيار