Page 188 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 188

‫العـدد ‪29‬‬         ‫‪186‬‬

                                                               ‫مايو ‪٢٠٢1‬‬    ‫وتموجات ال ّشعور النابعة‬
                                                                           ‫من أعماق النفس البشرية‪.‬‬
         ‫وجاء المهاجرون‬                          ‫رفعت سلام‬                  ‫تتح ّول القصيدة عنده من‬
          ‫بالخيول‪.)5(»..‬‬                                                    ‫قصيدة النّثر إلى القصيدة‬
‫تبدو الموسيقى عند فتحي‬                         ‫ال ّسوداء لي‬                 ‫ال ّسيمفونية؛ وال ّسيمفونية‬
    ‫عبد الله طق ًسا مقد ًسا‬        ‫رغم أ ّنني أحب الأكتاف‬
 ‫يقتضي العزلة وال ّصمت‬                                                        ‫‪« Symphony‬هي كلمة‬
    ‫والتّجرد من القشور‪،‬‬                          ‫العريضة‬                         ‫يونانية معناها تآلف‬
  ‫وإن كانت موسيقى من‬                      ‫وأتبعها حتّى في‬
   ‫دون عازفين‪ ،‬والإيقاع‬                                                   ‫الأصوات‪ ،‬وهو الاسم الذي‬
  ‫يخرج منه العطر وتأتي‬                      ‫الكنائس»(‪.)4‬‬                  ‫يطلق على السوناتا ‪Sonata‬‬
  ‫إليه ال ّطيور والمهاجرون‬         ‫في شعره‪ ،‬كما في المقطع‬                 ‫المكتوبة للأوركسترا الكامل‬
        ‫بخيولهم‪ ،‬إ ّنه نداء‬        ‫أعلاه‪ ،‬احتفاء واستدعاء‬
      ‫الموسيقى‪ ،‬موسيقى‬                                                        ‫التكوين الذي يحل فيها‬
         ‫الأغوار العميقة‪.‬‬               ‫للعديد من الأنواع‬                     ‫أداء الجماعة محل الأداء‬
‫وقد يتعانق الف ُّن الموسيقي‬       ‫الموسيقية المختلفة تأكي ًدا‬               ‫الفردي‪ .‬والسيمفونية هي‬
   ‫في القصيدة مع النّحت‪،‬‬                                                   ‫قمة التعبير الموسيقي الّذي‬
       ‫المسرح‪ ،‬الرسم‪ ،‬أو‬                ‫على التنوع وقبول‬                   ‫يرتفع فيه مستوى التعبير‬
‫السينما التي يستفيد منها‬                       ‫الاختلاف‪:‬‬                    ‫إلى مستوى فلسفي يعتمد‬
    ‫الشاعر في بناء عوالمه‬                                                  ‫على تجسيد أصوات الآلات‬
‫الشعرية‪ ،‬فيمزج بين الفن‬               ‫«وأسحب ذراعي من‬                     ‫الموسيقية المختلفة‪ ،‬وإعطائها‬
    ‫السنيمائي والموسيقي‬                            ‫الكهف‬                      ‫شخصيات تتناسب مع‬
  ‫(العين والأذن) من أجل‬                                                    ‫طبيعة ال ّصوت الذي يصدر‬
   ‫بناء ال ّصورة‪ /‬المشهد‪،‬‬                ‫الذي يغلق أبوابه‬                  ‫منها‪ ،‬ث ّم إعطائها أدوا ًرا في‬
      ‫مثلما نجد في المقطع‬          ‫دون أن تقع ال ّشجرة أو‬
   ‫ال ّشعر ّي التّالي‪ ،‬فلننزل‬     ‫يدخل العازفون الحديقة‬                        ‫النّسيج الموسيقي(‪.)3‬‬
   ‫معه إلى قاع المحيطات‪،‬‬                                                     ‫ومن بين القصائد الأكثر‬
                                       ‫بعد أن خلع ك ّل منا‬
                   ‫حيث‪:‬‬                           ‫ملابسه‬                       ‫احتفا ًء بالف ِّن الموسيقى‬
           ‫«لا لؤلؤ هناك‬                                                       ‫قصيدة «زبدة بيضاء»‬
                                  ‫ورقص على الإيقاع الّذي‬                   ‫وهي قصيدة طويلة تحتفي‬
              ‫ولا أسماك‬                  ‫يخرج العط ُر منه‬                 ‫بال ّشعراء «ألن جينيسبيرج»‬
        ‫فقط إيقاع خفيف‬                                                       ‫وكفافي و»والت ويتمان»‬
  ‫يتسرب إلى العظام»(‪.)6‬‬         ‫وظهرت ال ّطيور على النّوافذ‬                ‫كما تحتفي بالآخر المختلف‬
     ‫وقد تطغى الموسيقى‬                          ‫والأشجار‬                   ‫في الثقافة والعقيدة‪ ،‬ويتتبع‬
 ‫على ك ّل مشاهد القصيدة‬                                                   ‫منابع الموسيقى الروحية في‬
     ‫من أولها إلى آخرها‪،‬‬                                                    ‫الكنائس والمعابد والحقول‬
‫وتدخل في تفاصيل ال ّسرد‬                                                       ‫والحارات ويصغي إليها‬
   ‫والأحداث‪ ،‬وتصب ُح ك ّل‬                                                      ‫إصغا َء العابد العاشق‪:‬‬
   ‫حركة نغمة‪ ،‬وكل خطو‬                                                         ‫«وأذه ُب إلى جدا ٍر يبكي‬

           ‫إيقا ًعا متذبذ ًبا‪:‬‬                                                         ‫العابرو َن عليه‬
 ‫«لا شيء إلاّ صورته على‬                                                   ‫يا له من ألم يصيبهم جمي ًعا‬

                  ‫الحائط‬                                                             ‫في لحظة واحدة‬
                                                                                ‫وهم يرفعون قبّعاتهم‬
   183   184   185   186   187   188   189   190   191   192   193