Page 184 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 184

‫لا يفيق من السحر‬                                    ‫العـدد ‪29‬‬                            ‫‪182‬‬
   ‫إلا وفمه مملوء بالتوت‬
 ‫ويدخل ويخرج فى نشوة‬                                                           ‫مايو ‪٢٠٢1‬‬   ‫الكاتب البرتغالي «فرناندو‬
‫كأنه فى زفاف لا موسيقى‬                                                                    ‫بيسوا»‪ ،‬الشاعر الفرنسي»‬
                            ‫وأخذوه إلى حانة مهجورة‬
                    ‫به»‪.‬‬         ‫ووضعوه على سرير‬                                                ‫آرثر رامبو»‪ ،‬يتنفس‬
  ‫يستعمل فتحي عبد الله‬               ‫تنام عليه القطط‬                                        ‫كتاب «أملأ فمي بالكرز»‬
                                 ‫وكلما تألم فى صوت‬
     ‫بذكاء خارق التغريب‬                      ‫خفيض‬                                             ‫هذه الإقامات الشعرية‬
 ‫البريشتي ليعيد للأذهان‬          ‫وخلع قبعته السوداء‬                                         ‫بل الثقافية التي أثرت في‬
  ‫رموز الشعرية في القرن‬
  ‫العشرين‪ ،‬دون التماهي‬         ‫تبادلوا منديله الأبيض‬                                           ‫مسار الثقافة البشرية‬
                                       ‫الذى وقع منه‬                                        ‫وتركت بصمتها في كل ما‬
       ‫معهم‪ ،‬كاس ًرا بذلك‬                                                                 ‫ُيكتب في القرن والعشرين‪،‬‬
 ‫صنميتهم مع الإبقاء على‬         ‫أثناء نومهم فى جواره‬                                         ‫وعصرنا الحاضر‪ ،‬وهي‬
  ‫مكانتهم كمحدثين‪ ،‬وهو‬              ‫وقد خلطوا زفيره‬
                                                                                                ‫بالفعل كذلك نظ ًرا لما‬
    ‫بهذا يحفز على ابتكار‬       ‫بالعطور التى سرقوها‬                                        ‫تميزت به من رؤى حدسية‬
 ‫شعرية مغايرة قائمة على‬      ‫واكتفوا ان يذبحوا خياله‬
  ‫تغيرات الوجود‪ ،‬تستمد‬                                                                       ‫حولتهم عند البعض إلى‬
‫قوتها من الطبيعة البدائية‪،‬‬               ‫بين الممرات‬                                        ‫أنبياء‪ ،‬سواء على مستوى‬
                               ‫فقد تعثر أكثر من مرة‬                                         ‫رؤاهم أو حتى في طريقة‬
      ‫وهو بذلك يشير إلى‬         ‫عندما حاول اصطياد‬                                          ‫كتاباتهم الشعرية‪ ،‬غير أن‬
  ‫عنفوان الطبيعة البشرية‬                                                                    ‫فتحي عبد الله يكسر هذا‬
                                              ‫فراشة‬                                       ‫التماهي ويعمل على التعامل‬
     ‫مع ضرورة التسليح‬             ‫او يقبض على كرات‬                                           ‫مع هذه الرموز بمسافة‬
  ‫بمعرفة موسوعية‪ ،‬ليس‬                                                                      ‫من كل واحد منهم‪ ،‬فيأخذ‬
                                            ‫من الثلج‬
     ‫من أجل تغيير العالم‬        ‫عند عودته من المطعم‬                                            ‫غينسبرغ انطلا ًقا من‬
    ‫طب ًعا‪ ،‬ففتحي عبد الله‬       ‫ولأن عكازه مكسور‬                                              ‫علاقته بكتاب «أوراق‬
 ‫أبعد من أن يفكر في ذلك‪،‬‬    ‫أو سرقه الفتيان فى وضح‬                                         ‫العشب» لويتمان‪ ،‬ويرسم‬
     ‫ولكن من أجل إرساء‬                                                                     ‫بورتريه رامبو وهو تاجر‬
  ‫أسس مختلفة للجمالية‪،‬‬                         ‫النهار‬                                     ‫ذهب في هراري ويقتفي أثر‬
   ‫بإمكان شعرية متمردة‬       ‫دائ ًما ما يقرأ تعويذته فى‬
 ‫أن تؤسس لها‪ ،‬ولا يزال‬                                                                                 ‫بيسوا قائ ًل‪:‬‬
 ‫من الممكن استكناه فرادة‬                    ‫الشوارع‬                                        ‫«فرناندو بعكازه المكسور‬
‫التصور الجمالي من خلال‬        ‫أو يغمز بعينيه للحوذي‬                                         ‫لو كان (فرناندو بيسوا)‬
     ‫التجريب‪ ،‬والبحث في‬        ‫الذى يوصله إلى المنزل‬
   ‫متون هذا الشاعر الذي‬      ‫أن عطر القميص لا يدوم‬                                                            ‫مغنيًا‬
                                                                                                    ‫على مسرح قديم‬
              ‫غادر مبك ًرا‬                     ‫كثي ًرا‬                                     ‫وخلع ملابسه قطعة وراء‬
                              ‫وعليه أن يخلع ملابسه‬
                                                                                                              ‫أخرى‬
                                  ‫تحت مروحة كبيرة‬                                         ‫لانتظره المهاجرون على أول‬
                             ‫فإذا راى قم ًرا على نافذة‬
                             ‫وملاءة حمراء على أرض‬                                                           ‫الشارع‬

                                              ‫الغرفة‬
                              ‫ورائحة تملأ فمه بالكرز‬
   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188   189