Page 179 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 179

‫‪177‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

   ‫عمن وضعه في صندوق‬              ‫وأنا ‪-‬هنا‪ -‬أقرأ (إيروتيكية‬       ‫وفي دوال مركبة هي‪( :‬يضع‬
   ‫النجاة من ذلك النهر؛ في‬       ‫النص) بوصف يجاور كلامه‬           ‫التوت على فمها) و(يزور عين‬
‫استعادة ذات توظيف دلالي‬
  ‫بعيد التناص لقصة نجاة‬           ‫النص في شيء من شعرية‪،‬‬             ‫الحياة) و(إذا اكتمل القمر)‬
‫(موسى) من (فرعون) بأن‬             ‫لأتماهى مع نزعة الغموض‬          ‫مع ملاحظة أن الدوال المفردة‬
   ‫عاد إلى (فرعون) نفسه‪،‬‬           ‫التي هي دائ ًما في مثل هذا‬
    ‫ليكون العدو الذي أراد‬                                            ‫ليست كنايات‪ ،‬مع وضوح‬
‫موته‪ ،‬بأن يؤول مع (إيمي)‬              ‫الوصف جزء من لغته‪.‬‬            ‫المراد في خلالها؛ لأنه معني‬
‫و(مولودها) إلى يدها العالية‬      ‫وفي الوحدة الثانية والأخيرة‬        ‫كثي ًرا بتكثيف مشهد حكاية‬
    ‫لا إلى خرائط قصاصي‬                                            ‫(إيمي) مع (لصوص الجنس)‬
  ‫الأثر الذين لم يكونوا مع‬             ‫من هذا النص يستعيد‬
 ‫(فرعون) من قبل‪ ،‬ولا مع‬              ‫حكائيًّا سرد ًّيا بع ًضا من‬        ‫الذين يغشون (شجرة‬
‫(لصوص شجرة التين) من‬                                              ‫تينها) ناهبين معنى قميصها‬
  ‫بعد ذلك في هذه الحكاية‪.‬‬             ‫عالم الوحدة الأولى في‪:‬‬       ‫الأبيض الذي ذهب وضوحه‬
‫والشاعر يكتب نصه ‪-‬هنا‪-‬‬           ‫«وذهب المهاجرون إلى النخلة‬
                                  ‫الأولى‪ /‬دون أن يشيروا إلى‬           ‫عند غياب الحامي الأمين‬
     ‫رائيًا راو ًيا تغلب عليه‬     ‫متاعها الذي‪ /‬ابتلع الغلام‪/‬‬          ‫في صحراء الحياة‪ ،‬مبقيًا‬
  ‫لغة الأحلام‪ ،‬فهو يحدس‬                                           ‫شجرة التين كلها في صومعة‬
  ‫المعنى انطلا ًقا منه‪ ،‬ويقيم‬      ‫وحملوا الثمار في صندوق‬              ‫حضور ما؛ وما تلبث أن‬
  ‫علاقات كلامه انطلا ًقا من‬       ‫عليه غزال‪ /‬وقضوا أربعين‬         ‫تغيب مع لصوص الليل الذين‬
  ‫تخيّله الشعري‪ ،‬من دون‬                                             ‫سيضعون توت اللذة منهم‬
   ‫أن يعطي المتلقي مساحة‬             ‫ليلة يدقون الرفوف على‬         ‫في حواس الحياة عندها‪ ،‬بين‬
 ‫لممكنات التأويل؛ إنه يكتب‬       ‫بابها‪ /‬ولما سمعوا أن حبيبها‬        ‫يدي غياب ذي قمر مكتمل‪.‬‬

    ‫بنهج رواة الرؤيا حين‬              ‫ذهب إلى البحيرة المليئة‬
    ‫يقصون؛ أحلامهم التي‬            ‫بالثلج‪ /‬وغطس وحده بين‬
     ‫من الغياب‪ ،‬أو رؤياهم‬
  ‫التي من الحضور‪ .‬وكأنه‬              ‫الحيتان دون أ ْن يتردد‪/‬‬
   ‫يحيل بهذا النهج المتلقي‬           ‫ظنوا أنه أنثى تراقب َم ْن‬
  ‫إلى قراءة تفاصيل الحياة‬        ‫وضع الصندوق‪ /‬وتلهث إلى‬
   ‫وممكناتها على أنها أشبه‬        ‫أمه في غبطة‪ /‬كمن عثر على‬
‫بحلم عابر سريع الفيضان‪،‬‬          ‫مولود في لفائف الكتان‪ /‬وله‬
‫سريع الجفاف‪ ،‬وهو يتأمل‬             ‫أن يعود بقميصه الأزرق‪/‬‬
  ‫رموز نصوصه وعوالمهم‬            ‫في عاصفة يعرف أنها تحمل‬
                                   ‫(إيمي) إلى شاطئ قريب‪/‬‬
      ‫وممكناتهم بكثير من‬         ‫وأنها تزور قصاصي الأثر‪/‬‬
   ‫البراءة‪ ،‬والحدس‪ ،‬وقليل‬           ‫الذين فقدوا خرائطهم في‬
    ‫من الش ّد العقلي السابق‬          ‫المرة الأولى‪ /‬وينتظرون‬
 ‫المنظم‪ ،‬إنه يملأ َف َم الكلمات‬    ‫الرسالة من يدها العالية»‪.‬‬
    ‫بكثير من الكرز‪ ،‬ليكون‬            ‫حيث انتهت حكاية إيمي‬
‫الخيال أبعد‪ ،‬وتفاعل المتلقي‬           ‫هنا؛ لأن غيابها عند من‬
                                 ‫وضع في فمها التوت وأعطته‬
                ‫أكثر ثراء‬           ‫فخذها عند اكتمال القمر‪،‬‬
                                  ‫أسفر ذلك الغياب عن أخيلة‬

                                       ‫لمولود في لفائف كتان‪،‬‬
                                     ‫ومودع في النهر‪ ،‬وهناك‬
                                      ‫أُ ٌّم تلهث في غبطة باحثة‬
   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184