Page 181 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 181
179 الملف الثقـافي
حاد بالواقع جعله يبحث على أكثر من نص واحد وللكائنات تتضمن بع ًدا
عن واقع آخر في ترحله ولكل نص عنوانه الخاص، شعر ًّيا.
بين الصحاري والأدغال
والبحار والأشجار ،هذه فما هي في الحقيقة إلا لعله وفق هذا المنظور
العوالم التي جعل منها نص واحد متشابك الرؤى يمكن ولوح العالم الشعري
الشاعر مرافيء أسطورية
جريء الأساليب متعدد لفتحي عبد الله من خلال
لروحه: الطبقات الدلالية ،صادر مجموعته الشعرية الأخيرة
«وهو يجري في الصحراء
عن وعي فني مخالف «يملأ فمي بالكرز» ،هذه
والنيران تأتي على بيته للكتابة الشعرية المألوفة، المجموعة التي حتى وإن
ولا يسمع صافرات بما أنه بحث جمالي يتوسل عمد صاحبها إلى توزيعها
الحدود /أو الذين التجريب في أدق مجالاته،
يصطادون الوعول/ معتم ًدا أدوات فنية وطرائق
فقد هجر المنجمون في القول لم يألفها الشعر
ببوصلاتهم السفينة التي في السابق ،ذلك أن هذا
قبضوا على قبطانها». الشاعر معن ٌّي هنا أسا ًسا
بالشعرية وليس الشاعرية
«مما أعطى له فرصة أن أو الشعر ،وهو ما جعل
يمشي على المياه /إلى أن قصيدته تتسم بالتخييلية
يصل إلى الدال ويفرح الغرائبية والتشظي
بالطيور /تحط على السردي والتغريب
رأسه ونام على أريكته في البريشتي.
سرور». فما يميز القصيدة بالنثر
بالأساس هو هذا التخيل
«وذهب إلى ممرات نصفها المتماهي مع الواقع ،المدقق
مقطوع /تؤوي الفراشات
فيه ،المتعالي عنه النافر
الذين يهربون في آخر منه ،بما تهجس به الذات
الليل /وقد يعثر على الشاعرة من مشاعر الرعب
خاتمتها في الحشائش بعد قبالة مظاهر القبح التي
أن تهدأ العاصفة وتتركها يتكشف من خلالها هذا
وحيدة». الواقع أسير تناقضاته
ها هو ذا يصنع من هذه التي أنتجها ،فتحولت إلى
ماكينات تدمره وتصنع
العوالم البرية بمخيلته أهواله ،الشيء الذي دفع
الغرائبية واقعه الآخر الشاعر ليس اللجوء فقط
ضد هذا الواقع البئيس، إلى مخيلته بل إلى ما هو
وإذا بقصيدته نشيد غرائبي في مخيلته ،حتى
رعواني مديح للطبيعة في
بدائيتها .لا شك من أن أن صوره الشعرية قد
التخييل ُمكون أساسي توهم بالسوريالية وهي
أبعد ما تكون عن ذلك،
من مكونات العملية
الإبداعية ،وقوة الشعر لأنها تصدر عن وعي
ومتانته تظهر في مدى