Page 182 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 182
العـدد 29 180
مايو ٢٠٢1 توظيف الشاعر واستثماره
لطاقاته التخييلية ،التي تفلت
إلى ممرات واسعة الصورة وفاعليتها ،فسر
وباطمئنان تعودوا عليه الإيقاع الشعري هنا هو من قيود الواقع ،بل تحرر
هذا المتشظي بين مختلف هذا الواقع مما يعانيه من
يحملونها في وحدات النص ،وهو ليس انكساراته .غير أن الشعراء
عربة صغيرة
تشمشم في أقدامها الكلاب بتش ٍّظ عشوائ ٍّي نتيجة يهربون إلى ذلك الخيال
بينما العين الراعية تفجير من الداخل ،بل هو الوجداني الانفعالي الذي
تمشي على أطراف تفجيرات ضوئية داخلية، يأخذ شكل التداعي الحر
عرف الشاعر فتحي عبد أو النجوى الهذيانية .أما
أصابعها الله كيف يشد أركا ًنا من فتحي عبد الله فهو ُيش ِّغل
وتوزع الثمار التي خلال ما تعمده من تسريد خياله بمنأى عن الانفعال
حصدوها في الصيف الشعرية ،والسرد هنا قائم والتفوق العاطفي أسير
وتبكي على سرتها المليئة على ذلك التمزق في صلب
نسيج الأحداث بشكل يهز اللحظة الوجدانية ،هو
بالحشائش يشحذ مخيلته جي ًدا محد ًثا
أو السرير الذي أعده الانتظام العادي لسير مسافة عن عاطفته الذاتية
الأحداث ،رغم أن الشاعر وكل ما يعتمل في داخله من
لمضاجعة طويلة ما انفك ينشئ بؤر توتر رغائب وأمنيات وتطلعات،
فقد ذهب العظم منها لا يكتب بخيال جاهز ولا
وانتظر ت على أبواب وخلايا سردية سرعان يكتب بشكل إجرائي وإنما
ما ينسفها عن قصد، يتريث وينصت لإيقاعاته
الحفل الداخلية سليلة اضطرامات
حتى جاء ذو القبعة ويلقي بمسار الأحداث إلى روحه وتراكامات معرفته
المجهول ،وهو ما يجنبه
السوداء الموسوعية ،ولذلك تتميز
وأخذ يدها إلى الصفوف الانزلاق في القص الحقيقي قصيدته بهذا الإيقاع
أو الرواية ،إذ إن سرده المتشظي.
الأولى خال من الحبة التي تميز
وكم ذهبوا في السماع إلى لئن كان التخييل عنص ًرا
عادة الأعمال السردية مثل جوهر ًّيا ثابتًا في الفن عمو ًما،
أقصى النغمات القصة أو الرواية.
فلا هي رأت الطيور على وسمة مميزة للشعرية،
تقوم شعرية فتحي عبد فإنه لن يكتمل كذلك إلا
النافذة الله على حكاية مبتورة حين يحدث إيقا ًعا ،وهو
ولا هو أخذ حدوة حصانه دائ ًما ،إذ إنه عادة ما يوفر ليس ذلك الإيقاع المتعارف
لها كامل أدوات الع َّدة عليه عند الشعراء وليس
إلى الباب المتروك السردية ،غير أنه لا يذهب تلك الموسيقى التي يجتهد
ونادى على النادل الذي لم بها إلى الذروة ،يلذ له أن الشعراء ويكدون من أجل
يفعل ذلك خدمة لتوجهه بثها في قصائدهم ،بل هو
يسمعه الاهتزاز الداخلي والقدرة
في المرة الاولى الشعري المقصود: على التنوع في داخل نفس
أين الخشخاش الذي «قلادة بيضاء الخليه بين الصوت والدلالة
بين الشكل والمعنى ،بين
وعدتني لم أعد احتمل زيارة أخرى
به يا صديق؟ حبيبتي تنام كالفراشة
لقد ضحكوا من لحيتي في قلعة عالية
وقميصي المقلوب ولها رئة ضعيفة
وأشاروا على المجنون ويأخذونها في الصباح
الذي يحمل حقيبتي
في الشوارع
أن يترك الملائكة على حالها