Page 187 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 187

‫‪185‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫شعره إخلاص للروح‬                           ‫التّوظيف الموسيقي في‬                        ‫العربية المعاصرة في مختلف‬
  ‫المصرية ال ّريفيّة وتناغ ٌم‬                   ‫القصيدة فنًّا وأسما ًء‬
   ‫تا ٌم لكونها ومكوناتها‪،‬‬                      ‫وآلات وأدا ًء وتوزي ًعا‬                       ‫البلدان العربية كان لا ب ّد‬
   ‫وإصغاء لروح ال ّطبيعة‬                       ‫بصر ًّيا تترنم به العين‬                       ‫لها من الانفتاح على معظم‬
                                                            ‫والأذن‪.‬‬
     ‫وموسيقاها ال ِفطرية‬                                                                      ‫الفنون ال ّسمعية البصرية‬
     ‫(ال ّرياح‪ ،‬العواصف‪،‬‬                       ‫هذا ما نجده في ال ّديوان‬                       ‫من بينها الف ّن الموسيق ّي‪،‬‬
‫الأعراس‪ ،‬طيور‪ ،‬زغاريد‪،‬‬                         ‫الأخير للشاعر المصري‬                          ‫نظ ًرا للارتباط الوثيق بين‬
 ‫عويل‪ ،‬نباح بعيد‪ ،‬أنين‪)..‬‬
   ‫وفي الجانب الآخر نجد‬                        ‫فتحي عبد الله‪ ،‬وهو‬                               ‫ال ّشعر والموسيقى على‬
 ‫االمحوتفاس ًءيقكّيبي( ًراغيبارلافل ّنّطبيعي)‬
      ‫مدارسه واتجاهاته‬                              ‫ديوان يض ُّم عشري َن‬                     ‫اعتبار هذه الأخيرة إحدى‬
‫وتياراته المتعددة وأسماء‬                       ‫قصيدة يغلب على عناوينها‬
‫الفرق الموسيقية والفنانين‬                      ‫الجمل ُة ال ّطويلة‪« :‬يأتي‬                       ‫أه ّم البنى المؤسسة لف ّن‬
 ‫والآلات والمفردات‪ ..‬وك ّل‬                                                                                    ‫ال ّشعر‪.‬‬
‫ما يتصل بالف ّن الموسيقي‬                       ‫«ال ّساح ُر‬  ‫اللّهذايطيق ٌرطأعسوساُدق» ُ‪،‬ه‬
                                                    ‫من‬                                            ‫أما مع قصيدة النّثر‬
                ‫الحديث‪.‬‬                        ‫أجل ال ّذهب»‪« ،‬يملأ فمي‬                           ‫فقد تطور نظام النّظر‬
      ‫صحيح أ ّن قصيدة‬                          ‫بالكرز»‪« ،‬عصات ُه الّتي‬                          ‫إلى الموسيقى ال ّشعرية‪،‬‬
   ‫النّثر تقوض العروض‬                          ‫تخط ُف ال ّطير»‪« ،‬أترك‬
 ‫العربي المتمثل في الإيقاع‬                                                                 ‫وتجاوزنا الإيقاع العروضي‬
 ‫العروضي الخليلي‪ ،‬لكنّها‬                       ‫عنقود العنب على حاله»‪،‬‬                      ‫الخليلي والتّفعيلي إلى الإيقاع‬
   ‫تأسيس جديد للإيقاع‬
       ‫ال ّداخلي في ال ّشعر‪،‬‬                   ‫«تعطي فخذها إذا لزم‬                           ‫ال ّداخلي‪ ،‬وانتقلت القصيدة‬
   ‫بالإضافة إلى ذلك‪ ،‬لك ّل‬                      ‫الأمر»‪ ..‬ليس ال ّطول‬                       ‫من تأسيس إيقاعها الخاص‬
‫شاعر إيقاع مختلف‪ ،‬وكل‬
  ‫قصيدة تنهض بإيقاعها‬                          ‫سمة عناوين القصائد‬                                ‫عبر التّكرار والتّوازي‬
  ‫الخاص‪ ،‬وببنيتها الفنّية‬                                                                        ‫وال ّطباق وال ّصدى إلى‬
 ‫الخاصة‪ ،‬الذي يؤسسها‬
     ‫شرطها الجمالي غير‬                         ‫فحسب‪ ،‬بل حتّى متنها‬
‫منعزل عن باقي المكونات‬                         ‫ال ّشعر ّي‪ ،‬وكأ ّن بالشاعر‬
                                               ‫أح ّس بوطأة الموت ودنوه‪،‬‬
          ‫الفنية الأخرى‪.‬‬                       ‫فسعى إلى إبراز قوته‬
 ‫فبالإضافة إلى الموسيقى‬                        ‫ال ّشعرية في قصائد سردية‬

   ‫ال ّداخلية للشعر في هذا‬                     ‫وتراجيدية طويلة ومنفتحة‬
  ‫الديوان‪ ،‬يؤسس فتحي‬
                                               ‫تتأمل الوجود المتلاشي‬
      ‫عبد الله في قصائده‬
     ‫لإيقاعه الخاص عبر‬                         ‫بكثير من الحرقة والأسى‪.‬‬
      ‫تماشيه مع كينونة‬
    ‫ال ّطبيعة وتناغم الكون‬                     ‫في هذا ال ّديوان «يملأ فمي‬
                                               ‫بالكرز» يعود ال ّشاعر‬
        ‫وتذبذبات النّفس‬                        ‫فتحي عبد الله إلى تفاصي َل‬
                                               ‫ديوانه الأول‪ ،‬يعود النّبع‬
                                                    ‫ال ّشعر ّي الأول الّذي‬
                                               ‫استقى منه رؤاه ال ّشعرية‪،‬‬
                                               ‫وقد ظ ّل على ارتباط ببيئته‬

                                               ‫الأولى‪ ،‬حيث الاحتفاء‬

                                               ‫بالحياة العربية المصرية‬

                                               ‫في بساطتها وارتباطها‬
                                               ‫بالنّاس والأرض‪ ..‬في‬
   182   183   184   185   186   187   188   189   190   191   192