Page 178 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 178

‫العـدد ‪29‬‬         ‫‪176‬‬

                                                          ‫مايو ‪٢٠٢1‬‬     ‫فيها تغريبات حياتية عامة‪،‬‬
                                                                         ‫فردية أو مجتمعية وحتى‬
‫الشجيرات‪ /‬وتعطي فخذها‬         ‫في النص أو الصوت الفاعل‬
   ‫إذا لزم الأمر‪ /‬لمن يضع‬     ‫فيه‪ ،‬أما المعنى الشعري فلا‬                   ‫ثقافية‪ ،‬ولهذا تقرأ عالم‬
  ‫التوت على فمها‪ /‬ويزور‬                                               ‫القصيدة منتميًا لمحيط بشري‬
    ‫عين الحياة‪ /‬إذا اكتمل‬        ‫يصدر عن انزياح لفظي‬                  ‫آخر ذي اختلافات وممكنات‬
                  ‫القمر»‪.‬‬       ‫فقط إنما عن ذلك السياق‬
   ‫في هذه الوحدة الشعرية‬     ‫الحاكم لـ(لقطة) أو (موقف)‬                  ‫مغايرة لمتلقيه العربي الذي‬
                                                                          ‫يتغذى على ثوابت ثقافية‬
 ‫ذات الثمانية أسطر‪ ،‬يفتتح‬         ‫أو (مشهد) يبث المعنى‬                    ‫ورموز إبداعية وحياتية‪،‬‬
    ‫حكاية (إيمي) التي هي‬     ‫بكثافة‪ ،‬تقف عند تأويلها على‬                 ‫مغايرة نسبيًّا لما يشيع في‬
     ‫عنده في كل المجموعة‪،‬‬
                              ‫تعدد في الإيحاءات وهي في‬               ‫عالم هذه المجموعة؛ لأن الكلام‬
 ‫ترميز يصل فيه إلى أشياء‬       ‫النصوص غير الطويلة أو‬                 ‫‪-‬هنا‪ -‬لا يقول وقائع مألوفة‪،‬‬
‫في عالم الأنثى‪ .‬وهنا في أول‬   ‫ذات المقطع الواحد‪ ،‬من مثل‬              ‫بل هي أحلام شعرية تستدعي‬
‫الحكاية يسرد غياب الهيمنة‬    ‫نص‪( :‬تعطي فخذها إذا لزم‬
‫عن (إيمي)‪ :‬القرية‪( ،‬إيمي)‬                                                ‫قراءتها فك شيفراتها‪ ،‬كما‬
‫الريف لا المدنية هنا‪ ،‬يرسم‬                      ‫الأمر)‪:‬‬                ‫يفكك مؤول الأحلام الرؤيا؛‬
                              ‫«يأتي اللصوص إلى شجرة‬
   ‫أبعاد الموضوع في دوال‬      ‫التين في الليل‪ /‬وسيهملون‬                   ‫يقول أخيلة الكلام كاش ًفا‬
   ‫رئيسة هي (اللصوص)‬                                                   ‫همومه‪ ،‬بذكر أبعادها الممتدة‬
‫و(شجرة التين) و(القميص‬            ‫قميصها الأبيض‪ /‬فقد‬                    ‫في الغياب‪ ،‬حتى يقع كلامه‬
                                 ‫أدركوا أن الملاك سوف‬
        ‫الأبيض) و(الملاك)‬     ‫يذهب وحده إلى الصحراء‪/‬‬                    ‫الشعري في غموض لافت‪،‬‬
   ‫و(الصومعة) و(التوت)‬          ‫وأنها تغادر الصومعة إلى‬                ‫ولاسيما عند الذي يستعيده‬
                                   ‫النور الذي انتشر بين‬
                                                                          ‫برؤية المجازات التقليدية‬
                                                                      ‫المباشرة‪ .‬هو ينحت القصيدة‬

                                                                          ‫في مجسات لغوية كثيفة‬
                                                                         ‫الرموز عديدة الإيحاءات‪،‬‬
                                                                     ‫ويرسم العالم الموصوف عنده‬
                                                                     ‫في هذه القصيدة أو تلك بألوان‬
                                                                        ‫لفظية؛ تبعث على التأمل في‬
                                                                       ‫ثيماتها وموضوعاتها‪ ،‬تبعث‬
                                                                       ‫على التأويل‪ ،‬أكثر مما تأخذ‬
                                                                     ‫بذاكرتك إلى مألوفاتها الثقافية‬
                                                                          ‫لتضع المعنى الشعري في‬

                                                                            ‫متناول بصيرة التلقي‪.‬‬
                                                                          ‫أما الشكل الثاني في هذه‬
                                                                       ‫المجموعة فهو القصائد ذات‬
                                                                           ‫المقطع الواحد أو المشهد‬
                                                                         ‫المكاني الواحد‪ ،‬أو الموقف‬
                                                                         ‫الواحد الذي ينبني سرد ًّيا‬
                                                                        ‫في وحدات شعرية‪ ،‬يتحرك‬
                                                                      ‫المكان والزمان فيها بانتقالات‬
                                                                      ‫هي أفعال الشخصية الموجهة‬
   173   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183