Page 170 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 170

‫العـدد ‪29‬‬         ‫‪168‬‬

                                                             ‫مايو ‪٢٠٢1‬‬          ‫لعل منها الانزياحات‬
                                                                         ‫المجازية والمفارقات اللغوية‪،‬‬
                ‫التواصل‪.‬‬          ‫لأخذت حبيبتي إلى مطعم‬                    ‫الإيقاع‪ ،‬التلاعب الصوتي‪،‬‬
‫ذات التواصل المفقود يخلق‬                          ‫مهجور‬
                                                                             ‫والصور(‪ ،)1‬ربما تمكن‬
    ‫في القصيدة التي تليها‬                ‫وقرأت لها تعويذة‬                 ‫فتحي عبد الله من مزج كل‬
‫نو ًعا آخ َر بدي ًل من الحوار‪،‬‬               ‫من بلاد الثلج‬              ‫هذه الحيل والألاعيب اللغوية‬
                                                                           ‫واستعملها بطريقة رمزية‬
    ‫حيث يميل إلى مفردات‬             ‫حتى أرى صدرها المليء‬                ‫خاصة اجترحت وحدة دلالية‬
  ‫تتكرر ذاتها لتبني هيك ًل‬                        ‫بالورود‬               ‫ضمت الديوان منذ بدايته إلى‬
   ‫خا ًّصا بالديوان بأكمله‪.‬‬
                                      ‫وقد تعطيني جمجمة‬                                      ‫الأخير‪.‬‬
       ‫يأتي لها طير أسود‬                     ‫وبعض عظام‬                    ‫وقبل متابعة قصائد فتحي‬
    ‫أقف على بابها كل ليلة‬                                                ‫ومحاولة مقاربتها لا بد من‬
  ‫والأزهار قريبة من يدي‪.‬‬         ‫أفرح بها إذا جاء النوم على‬
     ‫وأسمع جيتا ًرا يعزف‬                             ‫غفلة‬                    ‫الإشارة إلى تقنية لغوية‬
                                                                            ‫مائزة اشتغل ضمنها هذا‬
            ‫الهيبيون عليه‬       ‫أو أضعها على سريري أثناء‬                ‫الديوان وهي تقنية (الطرس)‬
      ‫وقد أخذوا ملابسها‬                              ‫المطر‬                ‫أو الكتابة المتعددة الطبقات‪،‬‬
  ‫وأعطوني قبعة كي أزور‬                                                      ‫بعضها يمحو بعض فيما‬
                                ‫المطعم لقراءة التعويذة وهي‬
                   ‫الحانة‬        ‫من بلاد الثلج‪ ،‬الصدر ملى‬                     ‫تكون النسخة الأخيرة‬
‫وأحدث الأشباح عن أناملها‬                                                   ‫واقعة في إثم المسكوت عنه‬
                                    ‫بالورود‪ ،‬مقدمات ناعمة‬                ‫أو الساقط سه ًوا من طبقات‬
                ‫الصغيرة‬             ‫سيتولد تناقض ما ياتي‬                  ‫الكتابة المتتالية‪ ،‬هذه التقنية‬
   ‫تزور في الصباح رأسي‬               ‫بعدها مفارقة صادمة‪،‬‬                  ‫اعتمدها فتحي عبد الله عبر‬
                                   ‫فربما تنعم الحبيبة عليه‬              ‫إشراك ذات المفردات في أغلب‬
                 ‫المقطوع‬            ‫بجمجمة وبعض عظام‪،‬‬
‫وتبكي حام َل الاختام الذي‬         ‫تصدم هذه الهدايا المتلقي‬                  ‫القصائد‪ ،‬وهي في الغالب‬
‫نقل الجثة إلى القرن الثالث‬       ‫ولا تثير أية رغبة في الربط‬                  ‫كلمات تحيل إلى الأرض‬
                                                                           ‫والبساتين والزراعة‪ ،‬فيما‬
                    ‫عشر‬               ‫أو البحث عن توريات‬                ‫تشير في كنايات غير واضحة‬
‫وتعطي له النذور في المقهى‬             ‫تحتها‪ ،‬ليكمل أن هذه‬                 ‫عن الحب والجسد‪ ،‬أطراس‬
                                    ‫الجمجمة ستساعده على‬                   ‫فتحي أو محاول القول على‬
   ‫وتهرب في زحام الناس‬               ‫النوم أو يستعملها على‬                ‫قول آخر ممحي أي ًضا تمت‬
  ‫إلى أن تسمع هبوط المالك‬                                                   ‫عبر التناص مع مجموعة‬
                                          ‫السرير في المطر‪.‬‬                 ‫من الأسماء والشخصيات‬
           ‫في الليلة الأولى‬       ‫تساهم هذه اللغة المتوترة‪:‬‬               ‫الحقيقية التي وظفها داخل‬
     ‫يأخذ أصدقاءه واح ًدا‬       ‫الصور والتجاور والانزياح‪،‬‬                 ‫قصائده مستفي ًدا من بعض‬
                                                                            ‫ظلال الدلالة المحيطة بها‪.‬‬
                   ‫واح ًدا‬         ‫في كسر أنف المعنى قبل‬                ‫مثلا يقول من قصيدة بعنوان‬
      ‫تتواشج المفردات في‬           ‫كسر أفق المتلقي المعتاد‪،‬‬
     ‫هذه القصيدة مع تلك‬             ‫فهي فض ًل عن المفارقة‬                            ‫على باب إيمي‪:‬‬
  ‫التي اقتبسنا منها قبلها‪،‬‬       ‫اللغوية التي تخلقها‪ ،‬ترغم‬                   ‫عاصفة على باب (إيمي)‬
   ‫سنجد كلمة مثل الباب‪/‬‬            ‫الدلالة على الدوران حول‬
 ‫رأس الجثة‪ ،‬وهناك تماثل‬            ‫نفسها في دوائر صغيرة‬                          ‫لو كان الأمر بيدي‬
 ‫بطريقة التعبير؛ في البداية‬      ‫للمعنى‪ ،‬لا تجيد مد أواصر‬
 ‫مفردات رومانسية واعدة‬          ‫التفاهم مع غيرها‪ ،‬متضامنة‬
 ‫بالوقوع في أسر القصيدة‬            ‫مع صوت الفرد الغريب‬
 ‫العاطفية السخية بالرموز‬         ‫والنائي والمتحد مع وحدتة‬
 ‫الحالمة‪ ،‬ثم تباغتنا الصور‬         ‫في زمن لا يميل إلى نسج‬
    ‫القاسية‪ ،‬يتعمد الشاعر‬
   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175