Page 169 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 169

‫الملف الثقـافي ‪1 6 7‬‬

  ‫التفاهم والقربى‪ ،‬ملغومة‬         ‫مطالعة هذا الديوان‬          ‫حوار متأزم مع العالم‪..‬‬
   ‫بقطع من الشفرات التي‬                                            ‫قراءة في ديوان «يملأ فمي بالكرز»‬
   ‫تنتظم ضمن خيط واحد‬                ‫الشعري للمرة الأولى‬
 ‫يمسك الشاعر برأسه ولا‬            ‫ستنبت في البال فكرة أو‬      ‫د‪.‬إشراق سامي‬
                                 ‫سؤال‪( ،‬ديوان يملأ فمي‬
           ‫يفلته إلا ناد ًرا‪.‬‬     ‫بالكرز) للشاعر المصري‬       ‫(العراق)‬
       ‫جمل متتالية تخلق‬        ‫الراحل (فتحي عبد الله) من‬
‫انزياحات وعلاقات مجازية‬        ‫مطبوعات دار الأدهم للنشر‬
  ‫غامضة التشكيل الذهني‪،‬‬           ‫لعام ‪ ،2021‬هذا الديوان‬
   ‫لكنها بارعة في خلق جو‬
      ‫من الإحساس العام‪،‬‬              ‫المختلف يوقد بطريقة‬
    ‫إحساس مفجوع ونهم‬              ‫مباشرة في الذهن سؤا ًل‬
  ‫لحياة تبدو شاحبة اللون‬           ‫مفاده‪ :‬عن ماذا يتحدث‬
     ‫وغير متماسكة ضمن‬
       ‫تصورات القصائد‪.‬‬                          ‫الشاعر؟‬
 ‫هل يمكن للشعر أن يكون‬              ‫الشعر مادة الإحساس‬
  ‫وسيلة احتجاج ناجحة؟!‬           ‫الملتهب‪ ،‬وربيب العواطف‬
    ‫احتجاج على الاستلاب‬            ‫اللامعة‪ ،‬يقف هنا وقفة‬
 ‫واللاجدوى وفراغ المعنى‬           ‫مغايرة‪ ،‬وقفة تريد دون‬
‫من الحياة‪ ،‬هذا هو السؤال‬       ‫هوادة الإعلان عن حوار مع‬
    ‫الافتراضي الذي دونه‬           ‫العالم‪ ،‬لا يبدو هذا العالم‬
   ‫الشاعر بكل اقتدار اللغة‬     ‫في الصور الشعرية للشاعر‬
‫في ديوانه الذي كان يص ّدر‬      ‫يسي ًرا متا ًحا واضح الأطر‪،‬‬
      ‫لنا من العنوان فكرة‬      ‫بل ملتب ًسا‪ ،‬غار ًقا بالغموض‬
‫وردية‪ ،‬سرعان ما تنسحب‬           ‫وتداخل المشاعر‪ ،‬والهوس‬
 ‫تاركة المجال لفعل تحطيم‬
    ‫رومانسية اللغة المنظم‪.‬‬           ‫بالإحساس بالجسد‪.‬‬
    ‫ويمكن للقارىء تحديد‬           ‫مثلما تبدو قصيدة النثر‬
  ‫مستويين في هذا الديوان‬       ‫منتمية إلى عصرها متماهية‬
  ‫الشعري مارس خلالهما‬           ‫مع انفلات هذا العصر من‬
   ‫الشاعر قدرته على خلق‬        ‫الحدود والقوانين الصارمة‪،‬‬
‫عالم شعري معتاد أو حتى‬             ‫فاسحة المجال للصوت‬
                                 ‫الفردي للإنسان بالتعبير‬
                  ‫متوقع‪:‬‬
              ‫الأول اللغة‬            ‫عن ذاته‪ ،‬فإن الأفكار‬
            ‫الثاني الدلالة‬     ‫المشاغبة في قصائد (فتحي)‬
 ‫اللغة أداة الشعر ووسيلته‬       ‫هي الأخرى تبدو منسجمة‬
   ‫الأساسية‪ ،‬وليس خافيًا‬
        ‫أن اللغة في الشعر‬        ‫مع روح المعاصرة‪ ،‬فليس‬
      ‫تفارق لغة النثر عبر‬          ‫من فكرة محددة يمكن‬
    ‫مجموعة من التقنيات‪،‬‬
                                 ‫الإمساك بها وإبراء ذمتها‬
                                ‫عن الموضوع الذي تتحدث‬
                                ‫عنه‪ ،‬والأفكار مثل الكلمات‬

                                   ‫تما ًما خالية من وشائج‬
   164   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174