Page 105 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 105
نون النسوة 1 0 3 بدأت تخف شيئًا فشيئًا بعد قراءة العنوان الأول.
ال ّراوية التي تقدم مشاهدات المرأة الريفيّة وأفكارها،
القصيدة .والتي تبدو فيها فكرة «الرمز» وبصورة
مباشرة ،حيث ازدواج الصورة هو الذي يصنع وأحوالها ،في لغة تحمل بعض الإيقاعات الخاصة
بحركة الصورة السردية ،والنثرية الطاغية كانت
حالة الذئبة الريفية ،التي تركض داخل هذه المرأة، هي المسيطرة على النص ،لأن فقدان النسق اللغوي،
ولذلك سوف ينصب اهتمام أي ناقد على كيفية والشعري ،والموضوعي ،والتخييلي ،جعل ال ّراوية
في حالة من الجذب لهذه الصور التي تكاد تكون
استخدام الرمز ،وهو مدخل سردي يمكن أن يقدم منفردة .وسوف نرى كيف تحولت الشاعرة في
«رؤية» مميزة عن تلك المرأة ،يصاحب المرأة ،وهو النصوص التالية إلى أن كانت قريبة ج ًّدا من الفكرة
في الوقت نفسه يصاحب الذئبة ،وتتوالى التداعيات المحورية للنسق الشعري ،وذلك باستخدام أدوات
السردية عن الرجل الذي حول الشعر إلى دار جديدة.
عبادة ،ولأن القصيدة تفتقد لفكرة النسق الشعري، إذن ،ما الذي يمكن أن يختلف في قصيدة قديمة
من الشعر العمودي أحذف منها عد ًدا لا بأس به
فقد تحول الموضوع عنها إليه ..ولم يعد لها إ َّل من الأبيات ،وقصيدة نثر جديدة أحذف منها بعض
التوصيف السابق ،لأن كل عملية الإخبار كانت عن السطور؟ ربما كان الإيهام عند شعراء قصيدة
هذا الرجل ،وعن سعدي يوسف ،ولا أقارن هنا بين النثر الجديدة ،الإيهام بالغرابة ،والسردية المتدفقة
سياقين ،أو شاعرين أو حتى لغتين ،ولكني مضطر التي تنتابها تداعيات السرد؛ جعلهم يستسهلون
لكي أضع نس ًقا مكتم ًل أمام النص النثري الجديد، فكرة التتابع المزدحم لمجموعة كبيرة من تشكيلات
موضوعية ،لا يمكن أن تقدم ن ًّصا شعر ًّيا يحمل
وهو نثري أي ًضا: نس ًقا ما ،ناهيك عن النسق الإيقاعي الذي يتضافر
قد نذكر أن السلطان إبراهيم المملوكي مع النسق التخييلي لتقديم اللغة العادية ،وهي في
بنى مسجده الجامع ذا القبب الخمس ،هنا حالة تتشابك مع المفهوم ،ليخرج لنا النص الشعري
ليس البحر بعي ًدا مستق ًل عن مواد البناء المزدحمة في القصيدة.
ليس البحر قريبًا وسمر لاشين -في قصيدة «الذئبة القادمة من قلب
لكن الأسماك الحمر ،الحرة ،قد طمغت باسم الريف» -مشغولة بتتابع الصور والحركات داخل
السرد الشعري ،لدرجة تحول التسلسل الدلالي في
السلطان
السلطان إبراهيم؛ القصيدة إلى تداعيات لهذه الصور والحركات:
كذلك أهل الساحل أحيا ًنا أسمع في رأسي
والنسوة تحت غطاء الرأس التركي أغاني غجر يرقصون.
أو أصوا ًتا للطب ِل البلدي
وأسواق البلدة أو صفير بلابل.
والمحتسب
ودائ ًما هناك ذئب ٌة ترك ُض بلا
الليل على هذا الشاطئ من أحجار المتوسط توق ٍف داخلي
الفرق بين القصيدة الجديدة التي تعتمد على
المواد الأولية التي يمكن أن تصنع منها ،قصيدة، لها ُث أنفاسها المتقطعة؛ يشعرني بالتّع ِب.
أو قصة ،أو جز ًءا من رواية ،أو حتى مقا ًل في ث ّمة طريق ٌة واحد ٌة
التشكيل ،وبين المواد الأولية التي يصنع منها
نسق شعري له حدود ،وأركان ،وحركة وسكون. لإيقا ِف تل َك الذئبة وإسكات تلك الأصوات؛
ولذلك عندما تقترب الشاعرة من فكرة النسق ،فإن أن أمتلك مصيد ًة وسه ًما
أدوات البناء التي تصلح للقصيدة ،لا تصلح إلا لها أو أكت ُب ال ِّشعر!!
فقط ،وهذا موجود في عدد من القصائد التي يمكن
أن تكون مدخ ًل لذاكرة الراوية ،وأن تبني عليها، ولذلك تبدو النثرية طاغية على الإياع النصي في
ففي قصيدة «ثلاثون شجرة تنتظر على الرصيف»
تتخلى الشاعرة عن فكرة الغرابة المعنوية ،لتدخل
في باب واسع للنسق الشعري الذي يميز القصيدة،