Page 110 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 110
العـدد 31 108
يوليو ٢٠٢1
التي تكون شاهدة على الحياة القديمة ،فتتفاعل
الأركيولوجيا مع شواهد القبور لتمنح القصيدة
بع ًدا حفر ًّيا ،لأن القبر دائ ًما ينبض بالحياة وليس
الموت ،فالقبر يشي بحياة الآخرين الذين تركوا
رسائلهم على قبورهم .لتظل حياتهم خضراء
مستمرة عبر التاريخ والزمن .فتقول الشاعرة في
مقطع آخر:
«في الصباح
تجمع الكثير من القش
تجدل أبوا ًبا جديدة وشبابيك من البوص
تستعير الكثير من الملابس
ترمم الشقوق
تملأ فاها بالكلام
تزرع الكثير من (أحبك) الخضراء في حقول قلبها.
وتسأل القرويين كم يكلف
استئجار منزل في المدينة
سقفه الخراساني وأبوابه
من حديد».
يحمل النص السابق الرغبة في الكشف عن المكونات
الأولى للأشياء /الكائنات الحية .تطرح الشاعرة
رؤيتها الكونية البسيطة حول انفجار الصباح
المحمل بالقش /البوص ،الزراعة /الرحم الأولى
للكون ،فيتجسد من خلال الطرح رؤية الشاعرة
تجاه الحياة التي تتخلى عن بيوتها الإسمنتية
القاسية التي صارت ملامحها القاسية جز ًءا
من الحياة ،بل الحياة الإسمنتية التي لا تعترف
بالمشاعر والحب والحزن ،بل تطغى المادية عليها
بشكل واسع ،بل يكشف النص عن تلك الروح التي
تحاول أن تكتفي بالماضي خو ًفا من تجمد حياتها
الطبيعية .وتقول أي ًضا في قصيدة بعنوان« :عيش،
حرية ،عدالة ،اجتماعية»:
يقول الصياد:
أراها كل يوم تستحم في النهر تبتسم لي ثم تمضي
يقول السائق:
حبات الخرز الزرقاء هذه المعلقة في التاكسي لها.
اليوم أخبرتني أنها تجلب السلام.
يقول الشاعر:
كل قصائدي تعرفها
قبل دقيقة أنجبت قصيدة منها.