Page 113 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 113

‫نون النسوة ‪1 1 1‬‬                                         ‫التي ستواجه الرجل عند محاولته التواصل مع هذا‬
                                                           ‫الأنموذج الجديد بفتح الباب له للدخول في حياته‬
‫الماضي‪ ،‬وهذه الأخيرة لا تبكي خسارتها له مث ًل في‬           ‫التي ستنقلب رأ ًسا على عقب ح َّد تغييبه تما ًما إذا‬
 ‫نص (لم تخبر حقولها أن لا طمى في النهر)‪ ،‬وإنما‬
 ‫تبكي المرأة‪ /‬هي‪ ،‬التي بإمكانها أن تحتفظ بجمالها‬          ‫لم يكن قاد ًرا على احتواء المرأة بشقيها المتناقضين‪:‬‬
  ‫وأنوثتها حتى من دونه‪ ،‬لكنها فرطت بهذا الخيار‬                   ‫جامحة تقية‪ ،‬متبرجة صوفية‪ ..‬ست البيت‬
  ‫(لم أكن أبكيك‪ ،‬كنت أبكي تلك المرأة‪ /‬التي تركتها‬
                                                         ‫الشاعرة‪ ..‬فهي كيان إنساني من لحم ودم ومشاعر‬
    ‫على هامش الحكاية‪ /‬دون أن أعطيها قلم روج‪،‬‬             ‫وليست قطعة خشبية تستقبل المسامير بلا حس أو‬
  ‫تلون به شفاهها) لأن عليها أن تفهم أن تواصلها‬
 ‫السابق معه لم يكن يعني أنها في المركز من الحياة‬                           ‫وجع أو ركون طويل بلا حراك‪.‬‬
 ‫بفضله‪ ،‬وأنها من دونه ستكون‪ ،‬ستعود إلى هامش‬                ‫وأمام نمط رجل التبست عليه الأمور تحت ضغط‬
‫الحكاية‪ ..‬إنها تبقى امرأة وكيا ًنا انسانيًّا جمي ًل معه‬  ‫ازدواجيته ما بين نزوعه الجمالي الدنيوي (الشعر)‬
                                                            ‫ونزوعه الديني الآخروي (العبادة) (الرجل الذي‬
                  ‫وبدونه فحسب‪ ،‬مركز وهامش‪.‬‬                 ‫حول الشعر إلى دار عبادة) فإن شراسة الصراع‬
   ‫وهذا النمط من نصوص البوح النسوي الشعري‬
                                                             ‫معه كانت واحدة من دوافع إعادة تعرف الذات‬
     ‫يستهويه السرد متضمنًا نزعة حكائية في متن‬                 ‫الانثوية تعري ًفا غريبًا بوصفها (الذئبة القادمة‬
      ‫النص‪ ،‬وفيما أسمته الشاعرة بهامش الحكاية‬               ‫من قلب الريف) في الأقل لتمتلك من الذئب صفة‬
  ‫الذي يتضمن حكاية شعرية موازية لحكاية النص‬              ‫الشجاعة في مصارحة الرجل بسر فوضاه النفسية‬
 ‫(المتن)‪ ،‬تضيء الفكرة من زاوية أخرى فيما يشبه‬               ‫وشهوته المكبوتة (ليس عليك كبح جماح رغبتك‬
    ‫الفيلم السينمائي الممنتج الذي يعرض حكايتين‬                ‫تجاه إحداهن)‪ ،‬و(تسلمه لنشوة تخدر عظامه‪،‬‬
       ‫بكاميرا واحدة‪ ،‬لكن من زاوية مختلفة‪ ،‬ففي‬              ‫وتسلبه روحه)‪ ،‬ما دام لم يكتشف أن ما يوقف‬
     ‫نص (سر حقولي الخضراء) تسرد حكاية بين‬                ‫شراسة الانثى‪ /‬الذئبة ويروضها هو الفعل الثقافي‬
‫عاشقين اجتمعا كل مع فريقه وأدوات صراعه التي‬               ‫الوجداني الناعم (الشعر) الذي يستلزم اعترا ًفا به‬
   ‫تصدرتها رمز ًّيا السكاكين ليتبادلا تهم الخذلان‬          ‫منه وتقدي ًرا لقيمته‪( ،‬ثمة طريقة واحدة‪ /‬لإيقاف‬
 ‫والغدر والتوحش والحب‪ ،‬وفي النهاية لا يحصيان‬                   ‫تلك الذئبة وإسكات تلك الأصوات‪ /‬أن أمتلك‬
 ‫لحظات الحب التي جمعتهما وإنما عدد السكاكين‪..‬‬              ‫مصيد ًة وسه ًما‪ /‬أو أكتب الشعر)‪ ..‬ونتاج الشعر‬
   ‫بينما حكاية الهامش تضع اللوم في فشل العلاقة‬            ‫أن تصير (المرأة الشاعرة شجرة) وهو خيار سيئ‬
    ‫بين الاثنين على المرأة التي اكتشفت متأخرة أن‬           ‫أي ًضا لأن عليها أن (تقاتل بشراسة الريح لتبقى)‬
 ‫الحياة كان يمكن أن تعيشها بسلام مثل الأخريات‬              ‫بينما (يلاحقها أي ًضا‪ /‬الشعراء بفؤوس حبرهم)‬
   ‫فيما لو لم تصدق وصية والدها التي كانت أشبه‬
 ‫رمز ًّيا ‪-‬بثقلها الاجتماعي والأخلاقي‪ -‬بواحدة من‬                              ‫ورواسب ثقافتهم الفحولية‪.‬‬
 ‫السكاكين التي قتلت الحب بينها وبين الشاب الذي‬           ‫شراسة الخطاب النسوي الشعري عند سمر لاشين‬
  ‫حاول التقرب منها‪ ،‬مستسلمة للفشل تحت ذريعة‬
 ‫يشي بها النص‪ /‬المتن (قدرها أن تعيش وحيدة)‪..‬‬                   ‫لا تعني أنها توجهه إلى آخر ذكوري بمفهوم‬
  ‫ليس في حكاية هذا النص فقط‪ ،‬وإنما في نصوص‬                   ‫الخصم والعدو‪ ،‬وإنما بمفهوم الرجل المصاحب‬
‫أخرى أي ًضا‪ ،‬فثمة مواقف اجتماعية متشددة (ترمز‬              ‫للمرأة في رحلة الحياة بغض النظر عن توصيفاته‬
   ‫إلى إصحابها بالعميان) في نص (أرقص وحدي)‬               ‫الاجتماعية (الصديق‪ /‬الحبيب‪ /‬الزوج‪ /‬القريب)‪..‬‬
   ‫تعرقل التواصل العاطفي (الحب) والجمالي (مثل‬               ‫وهو أي ًضا ليس الرجل‪ /‬المثال والأنموذج‪ ،‬وإنما‬
                                                          ‫الرجل الواقعي العادي بكل ما يحمله من التباسات‬
         ‫فعالية الرقص الثنائي) بين الاثنين دائ ًما‪:‬‬       ‫وتناقضات ونمطية أو تمرد‪ ،‬حاله حال المرأة أي ًضا‬
      ‫في طريق عودتي من العمل يطلب مني زميلي‬              ‫التي ترتسم صورتها ‪-‬أحيا ًنا‪ -‬بالمواصفات نفسها‬

                                  ‫أن أرقص معه‬                                             ‫في هذا الديوان‪.‬‬
                       ‫فأخبره أن الرجال العميان‬           ‫فهو العريس لثانية في الحاضر‪ ،‬والحبيب لأولى في‬
   108   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118