Page 116 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 116
العـدد 31 114
يوليو ٢٠٢1
الإهداءات التي كانت موجهة إلى ذوات نسوية تمنحه قدرات خارقة (ويمكنه أي ًضا تغيير قلوب
أدبية قريبة من رؤى النصوص أو الفضاء النساء الباردة بقلوب دافئة وطازجة)( ،يتلو عليهن
الدلالي فيها (جويس منصور /عائشة بريكات/ القصائد فيشعرن بالدفء)( ،ربما لو قبلني/
شيخة حليوى /عفاف السيد /مي زيادة /إيميلي تعود ذاكرتها من جديد)( ،وجهك الشمس وجهك
ديكسون /إيناس صلاح الدين /هيباتيا /سيليفيا
السنابل ،القمح ،الخبز ،وجهك الأرض وجهك
بلاث /إلدام يريني /فروغ فرخزاد /غادة الخير) ،وهي صور تؤسطر الرجل في المنظور
السمان /آن سكستون /سامية ساسي .بينما غاب النسوي ،وتقلب المعادلة المألوفة التي تعودنا عليها
في ثقافة التغزل الذكوري بالمرأة منذ امريء القيس
تما ًما أي ذكر لاسم ذكوري صريح في الإهداءات، حتى نزار قباني ،التي تفعل العكس فتؤسطر المرأة
وظل حضور الرجل بلا تسمية وانما عبر الضمائر المحبوبة أمام رجل حبيب منبهر بها ومشدود إليها.
هذا النفس الساخر عند سمر لاشين يتسع ليشمل
فحسب (يا أنت /..هو /له /أحبه /أحبك/ تجارب أخرى ،لكن المفارقة أن الآخر فيها أي ًضا هو
قبلني )..أو الأوصاف (حبيبي /صاحب السر/ الرجل أي ًضا ،بصورة السياسي المتلّسط الذي شوه
الحياة اليومية للمواطنين ،فكان موضع سخرية
الدرويش /زميلي /الشاب /رجل)..
أما عنوان المجموعة (على الأوستراكا أن تظل الشاعرة التي تقول على لسان السلطة:
خضراء) فتنكشف أسراره الدلالية بعد قراءة عزيزي المواطن من فضلك كف عن إزعاجنا
النصوص التي حمل بعض منها ملمح اللون
الأخضر من العنوان ،كما في نصي (سر حقولي واذهب لأقرب مقبرة ،وادفن نفسك بها
الخضراء) و(طوب أخضر في وجه الريح) ،فض ًل وللثقافة الشعبية الاجتماعية نصيب أي ًضا من
عن بعض الصور الشعرية (ليزرع كل (أحبك) السخرية العالية بن َف ٍس أنثوي يحاول تفكيك بعض
الخضراء المزروعة في حقول قلبها)( ،فيرسل لي مقولاتها الذكورية الشائعة مثل (ظل راجل ولا ظل
مقطوعة موسيقية وقلبًا أخضر) ..وحسب تأويلنا حائط) التي كانت عنوا ًنا لنص كامل يرى في الحب
فإن الأنثى بطلة النصوص جمي ًعا بأصنافها
الإنسانية كافة (الرومانسية /العادية /الشهوانية/ الظل الأكثر أما ًنا بين الطرفين في أي علاقة:
العذرية /الشاعرة /العاشقة /الشبقية )..هي لن أطلب الكثير من زوجي المستقبلي فقط
أشبه بقطعة الفخار الفرعونية الصغيرة الأوستراكا
التي تحمل الرسوم الجميلة والحكايات والنقوش كلما خاصمته عليه أن يصالحني بعناق ووردة.
ومثل أغلب نصوص المجموعة تهيمن النزعة
والأخبار والحكم( ،هذه أنا المليئة بالطفولة
والحكايات) ،والتي عليها أن تبقى حيّة ،برمز السردية هنا ،وتنكشف الأحاسيس والأفكار من
الخضرة ،وبكون (المرأة الشاعرة شجرة /ظلها خلال مجموعة أخبار وأقاويل وحكايات تتالى سر ًدا
يمتد باتساع أرض الشعر) ،ويمكنها فعل ذلك
بالحب والتواصل الإنساني الحر مع الآخر ،ك ٌّل وتصنع إيقا ًعا داخليًّا يش ّد النص بنائيًّا ويحافظ
حسب طبيعته ومزاجه ،دون اشتراطات بين على وحدته وتوتره الشعري الفني (جدتي تقول/..
الطرفين تقمع العلاقة أو تعرقلها أو تمنح أحدهما أخبرتني صديقتي /..تقول عانس /..قالتها جارتي
التفوق دون الثاني ،وليحصد الآخر كل (أحبك)
المزروعة في حقول قلبها ..فكل ما في الأمر أن الأربعينية /قالت أمي /..سأخبر ابنتي.)..
وحوش الآخر (لبت نداء الغابة في صوتي) ،ومن كما تعتمد نصوص أخرى للمحافظة على إيقاعها
جانبها فإن الأنثى تعترف (أحببته كثي ًرا لأنه
صنعتي ،صنعتي التي نفخت فيها من طيشي الداخلي على تكرار اللازمة كما في نص (خمس
وجعلته يحبني) ،بينما هو (يدرك بمكر هشاشة دقائق وتسع وخمسون ثانية) ،إذ يكرر النص
جملة العنوان في بنية النص كلازمة تتلوها الأحداث
صمودي في وجه مطره والريح) والأخبار كل حين .فض ًل عن حضور الهوامش
التي تبدو بترتيبها الرقمي إيقا ًعا ختاميًّا للنصوص.
وتتحيز النصوص إلى نزعتها النسوية ليس في
موضوعاتها وطبيعة بطلاتها فحسب وإنما حتى