Page 120 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 120
العـدد 31 118
يوليو ٢٠٢1
فأرق ُص وحدي( ..ص )82 والمعدات ،بل تمثلت تلك الاحترازات أي ًضا
وفي (سمكة ملونة تسبح في قلبي) تتجسد الحكاية باستحضار وحشها الذي يساكنها دائ ًما ،وما ذلك
بوصفها مثابة للانعتاق بصورة جلية لا لبس كله إلا دف ًعا لمخاوف لازمتها وتعتريها دائ ًما من
فيها ،لا سيما إذا عرفنا أن هذا النص بني على الآخر ،أو قل لمخاوفها هي من ذاتها اللامستقرة،
طريقة الحكاية التراثية التي طالما كانت قرين ورغبة في تحقيق الند ّية التي غابت حتى صارت
الطفولة ،فهناك الصبية الحالمة ،وهناك الرجل الذي
يستحوذ على أحلامها ،وهناك الرغبات والأحلام حل ًما ،وما عادت موجودة منذ أن تلبست الأنا
تقابلها الكوابح والموانع التي تمنعهما من الاقتران، بوصايا الآباء التي زرعت فيها المخاوف؛ مخاوف
وهناك النهاية التي كانت في نصنا هذا تشبه تلك عناق الآخر حين كانت أزاهير العمر تعلن شوقها
النهايات التي طالما شغلت تفكيرنا بأفكار تسلمنا الجامح لسنوات العنفوان ،وهكذا تنتهي الرغبات في
للنوم دونما حل لها ،لكننا مع ذلك نجد أن النص المهد لتظل أشبا ًحا ومخاوف نستشعرها كل لحظة،
المذكور ينتظم دون مناشزة للسكك الذي لمسناها في
المجموعة كلها ،والتي تتمثل في نشدان تحقيق الذات ونعلنها ثورة ساعة الدهشة الشعرية ،وساعة
صحو الذات من هشاشتها ،وهكذا كان صنيع سمر
لاشين في نصها هذا ،وأراها أنها اجترحت محاولة
تجعلنا على الأقل نتذوق جمال الجدل الذي يحفر
نق ًشا لا يمحى على جسد الحياة.
وتستمر مثابة الحكاية في المثول في (أرقص
وحدي)؛ النص الذي بني على أكثر من جدلية :الأنا
والآخر ،الحلم والواقع ،الرغبة والتقاليد ،الحب
والقيود ،لكن العلاقة بين طرفي الأنا والآخر جاءت
بطريقة توافقية لا ضدية كما لا حظنا في النص
السابق ،فالحاجة للعيش وفق ما تمليه الرغبات لا
تتسنى لنا بفعل أولئك الرجال العميان ووصاياهم
المقيتة:
في طريق عودتي من العم ِلَ ،يطلب مني زميلي أن
أرق َص معه.
فأخبره أن ال ّرجال العميان،
لا يسمحون لي بال ّرق ِص مع رج ٍل غري ٍب
فيتفهم الأمر.
..
وحين نتصور أن القيد يمكن أن ينكسر لحظة
الخلوة مع الذات تداهمنا أصوات الآخرين المحيطين
بنا لتكبح جماح الرغبات (الرغبة /الكبح)،
فتستسلم الذات لهزيمتها لترتد إلى حلمها الأثير في
الرقص مع من تحب ،وليكون ذلك الصنيع مدعاة
لخلق عوالم شعرية تمثل كلها معاد ًل موضوعيًّا
لواقع لا فكاك منه ،وحسبه ذلك.
وأغني وحدي.
أغني في غرف ٍة ،تتسع لي،
وحبيب خارجها ينتظر أن أرق َص معه.