Page 119 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 119

‫انطلا ًقا من المكان الريفي أي ًضا‬                       ‫المسقوف بالقش والذي لا يحمي من تلصص‬
   ‫يمكن أن يلحظ القارئ أن الحلم‬                                 ‫ذلك الرجل (رجل ما) رغم الاحترازات‪،‬‬
   ‫يتأثث بطريقة ساحرة‪ ،‬إذ يف ّصل‬
‫على مقاس الرغبات العفوية ليصل‬                                ‫ليقتحم عليها عالمها ويسكب في فمها الكلام‬
    ‫إلى الذروة التي تنتهي بالرغبة‬                                ‫ويتركها تحلم بارتياد عوالمه هو‪ ،‬وهنا‬

       ‫في تمدين المكان‪ ،‬لتتماهى‬                               ‫يضعنا هذا النص أمام ثنائية أخرى تتمثل‬
      ‫الذات الحالمة مع الآخر القادم‬                               ‫في‪ :‬الرغبة‪ /‬المنع أو الحرية‪ /‬الخوف‪،‬‬
       ‫من المدينة‪ ،‬إذ لم يعد البيت‬
  ‫المسقوف بالقش والذي لا يحمي‬                                 ‫لينسبك النص موظ ًفا تلك الثنائية بطريقة‬
    ‫من تلصص ذلك الرجل (رجل ما)‬                              ‫أخاذة ح ًّقا‪ ،‬ليكون بمجموعه دالة رامزة على‬
      ‫رغم الاحترازات‪ ،‬ليقتحم عليها‬                         ‫موضوعة العود الأبدي‪ ،‬فما أن يصل الحدث‬
  ‫عالمها ويسكب في فمها الكلام‬                               ‫إلى ذروته حتى يبدأ العد ثانية من أجل البدء‬
 ‫ويتركها تحلم بارتياد عوالمه هو‬
                                                                                      ‫بالدورة التالية‪:‬‬
   ‫وكلها واضحة جلية‪ ،‬وهنا نلاحظ أن دراماتيكية‬                     ‫ومع آخر نفس من سيجارته يمد يده‬
‫السرد في النص المذكور كانت مبنية على ايقاع جدلي‬               ‫ليحصد كل (أحبك) الخضراء المزروعة في‬

   ‫منذ السطر الأول‪ ،‬فنجد‪ :‬الأنا والآخر‪ ،‬متقابلان‪،‬‬                                        ‫حقول قلبها‬
   ‫كانت الأنا ممثلة بالمرأة أما الآخر فقد كان ممث ًل‬                 ‫في الصباح تجمع الكثير من القش‬
  ‫بالرجل‪ ،‬وكل طرف من طرفي هذه الثنائية البدئية‬                 ‫تج ّدل أبوا ًبا جديدة وشبابيك من البوص‬
    ‫كان مزو ًدا بهمومه وهواجسه وعدته العاطفية‪،‬‬
  ‫وأي ًضا مزو ًدا بمخاوفه ومشاعره‪ ،‬لكننا يمكن أن‬                            ‫تستعير الكثير من الملابس‬
    ‫نلحظ بوضوح أن (الأنا) لم تكن غير أنا أنثوية‬                                         ‫ترمم الشقوق‬
    ‫شرقية قلقة‪ ،‬لكنها في الوقت ذاته كانت طامحة‬
  ‫تبغي ‪-‬بسعي حثيث ورغبة دفينة‪ -‬أن تجد ذاتها‬                                         ‫تملأ فمها بالكلام‬
 ‫بأي وسيلة تحقق لها ذلك الهدف‪ ،‬لذلك نجد هناك‬                ‫تزرع الكثير من (أحبّك) الخضراء في حقول‬
 ‫احترازات قبل الشروع بالحدث تمثلت بالسكاكين‬
                                                                                               ‫قلبها‪.‬‬
                                                                            ‫وتسأل القرويين كم يكلف‬
                                                             ‫استئجار منزل في المدينة‪ ،‬سقفه خرساني‪،‬‬

                                                                                              ‫وأبوابه‬
                                                                                          ‫من حديد؟!‬
                                                               ‫وبالانتقال من مثابة الانعتاق الأولى التي‬
                                                            ‫تمثلت في المكان‪ ،‬فإننا نصادف مثابة لا تقل‬
                                                           ‫وضو ًحا عن الأولى‪ ،‬وهي الحكاية‪ ،‬فمن خلال‬
                                                           ‫الحكاية الشعرية الرامزة حاولت سمر لاشين‬
                                                            ‫تأثيث مدونة سردية لانعتاق الذات من أسر‬
                                                       ‫الآخر‪ ،‬أو على الأقل حاولت تأثيث مدونة تشي في‬
                                                        ‫كل مفصل من مفاصلها بالرغبة في الافصاح عن‬
                                                        ‫مكنونات الذات الأنثوية الحالمة‪ ،‬التي تنشد سماء‬
                                                      ‫لا غيوم داكنة فيها‪ ،‬لتكون فضاء لخيالها المشروع‪،‬‬
                                                          ‫ففي ن ّصها (س ّر حقولي الخضراء) نجد المبنى‬
                                                        ‫الحكائي واض ًحا ومؤثثًا سرد ًّيا على وفق ثنائي‪،‬‬
                                                          ‫فهناك‪ :‬الحدث‪ /‬اللاحدث وهناك الشخصيات‪،‬‬
                                                         ‫المتكلم‪ /‬الغائب‪ ،‬وهناك أي ًضا الفكرة‪ ،‬المرغوبة‪/‬‬
                                                        ‫اللامتحققة‪ ،‬وهناك الأسلوب‪ ،‬المنظم‪ /‬المشاكس‪،‬‬
   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124