Page 106 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 106

‫العـدد ‪31‬‬   ‫‪104‬‬

                                                      ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬

‫بها‪ ،‬يلاحظ ‪-‬هنا‪ -‬أننا نتحدث عن أساس واحد من‬             ‫بل ويجعل منها رؤية تشكيلية للواقع‪ ،‬بل ورؤية‬
             ‫أساسيات وجود الشعر‪ ،‬وليس بنائه‪.‬‬           ‫إنسانية‪ ،‬والنسق الشعري بدوره يتحول إلى نسق‬

     ‫أدوات البناء يمكن أن تشترك بها القصيدة مع‬                         ‫موضوعي‪ ،‬ومعرفي في آن واحد‪.‬‬
   ‫الأنواع الأخرى‪ ،‬ولكن أساسيات البناء الشعري‬                          ‫كان عليها أن تركب القطار باك ًرا‬
   ‫لا تشترك مع نوع أدبي واحد‪ ،‬فهي للشعر فقط‪.‬‬
‫وفي قصيدة «أرض الشعر» تتجلى فكرة الرمز الذي‬                                             ‫كي تصل إليه‪.‬‬
‫يطرح النسق من داخله‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإن البناء النصي‬                          ‫لكنهم عطلوها‪ .‬ثلاثين شجرة‪،‬‬
‫بناء مركب‪ ،‬يبدأ بالفكرة‪ ،‬ثم يتحول إلى الصورة‪ ،‬ثم‬                       ‫والقطارات تم ّر دون أن تقف لها‪.‬‬

        ‫إلى المعنى المؤسس لها ثم الدلالة والتأويل‪.‬‬                                    ‫ثلاثون شجرة‪..‬‬
                                 ‫تقول الشاعرة‪:‬‬                              ‫تجلس على رصيف المحطة‪.‬‬
                                                                          ‫بين حين وأخر تتفقد حقيبتها‬
 ‫شاعرات يعش َن في خري ٍف دائ ٍم بملاب َس فضفاض ٍة‬
                                   ‫يكتب َن ال ِّشعر‪.‬‬                               ‫لا شيء تحمله فيها‬
                                                                  ‫سوى ثو ٍب واحد ستلبسه ليلة عرسها‬
       ‫ال ِّشعر ‪-‬تيس جبلي بقرني ٍن عظيمي ٍن‪ -‬يجلس‬
                        ‫بالقرب منه ّن أعلى الجبل‪.‬‬                       ‫تصفر الريح في ثقوبه الثلاثين‪.‬‬
                                                        ‫هذا التحول يجب أن تستثمره سمر لاشين لتنقل‬
             ‫يزرع عينيه في كل مكان يذهب َن إليه‪..‬‬       ‫نفسها من حالة الايهام بالغرابة المعنوية إلى حالة‬
 ‫كل وحدة لغوية في قصيدة الرمز النسقي لا يمكن‬           ‫تكوين الفكرة‪ ،‬وصنع الإطار اللغوي والدلالي الذي‬
 ‫الاستغناء عنها‪ ،‬عكس قصيدة الإيهام الغرائبي‪ ،‬أو‬          ‫يبحث عنه الشاعر‪ ،‬حتى يمكن القول إننا بصدد‬
 ‫التداعيات السردية‪ ،‬فإنها مجرد مختارات يمكن أن‬           ‫بناء قصيدة‪ ،‬وليس بناء لغة‪ ،‬بناء تكوين شعري‬

   ‫تتحول إلى معا ٍن مستقلة‪ ،‬تلفت إلى نفسها أو إلى‬                          ‫وليس مجرد تكوين سردي‪.‬‬
 ‫دلالاتها‪ ،‬أكثر مما تلفت إلى دلالة القصيدة بصورة‬
                                                              ‫الرمز والنسق الشعري‬
     ‫كلية‪ ،‬وبالتالي تتهافت الدلالة‪ ،‬أما هنا فالوحدة‬
‫اللغوية لبنة للصورة‪ ،‬والصورة لبنة للرمز‪ ،‬والرمز‬        ‫جاذبيَّة الرمز الشعري وحدها يمكن أن تكون لبنة‬
                                                      ‫بنائية للنسق الشعري‪ ،‬وبخاصة إذا كان هذا الرمز‬
    ‫مؤسس للسياق المعرفي للقصيدة‪ ،‬وبالتالي تقدم‬         ‫جز ًءا من التفكير السردي للراوي‪ ،‬واستخدام كلمة‬
    ‫رؤية كلية عن العالم‪ ،‬أو الواقع‪ .‬وهذا النمط من‬
    ‫النصوص موجود بتج ٍّل كبير في نصوص سمر‬                ‫الراوية هنا بدي ًل عن الشاعرة شائعة عندي‪ ،‬لأن‬
                                                         ‫الحركة السردية في النصوص عالية‪ ،‬واستخدام‬
                                        ‫لاشين‪،‬‬           ‫الرمز جاء بصورة توحي بأن سمر لاشين تعي‬
              ‫الوحدة اللغوية = الصورة الشعرية‪.‬‬
               ‫الصورة الشعرية = الرمز الشعري‬                      ‫جي ًدا استخدام الرمز على النحو التالي‪:‬‬
       ‫الرمز الشعري ‪ -----‬النسق الكلي للنص‪.‬‬                               ‫‪ -‬إحاطة الرمز بحركة النص‪.‬‬
‫وفي قصيدة «أنام بعينين مفتوحتين» الذات الراوية‬
  ‫هي التي تقدم الصورة السردية‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬يتكون‬                ‫‪ -‬ارتباط الرمز بالذاكرة الخاصة للشاعرة‪،‬‬
  ‫النسق الشعري من المفردات التي تصاحب الذات‪،‬‬                                                 ‫والمتلقي‪.‬‬
   ‫أو التي تدل عليها‪ ،‬سواء كانت هذه المفردات من‬
                                                                      ‫‪ -‬التحولات التي تطرأ على الرمز‪.‬‬
                                    ‫داخل الذات‪:‬‬                     ‫‪ -‬شمولية المعنى والدلالة في الرمز‪.‬‬
                              ‫‪ -‬مفردات التفكير‪.‬‬                 ‫ومن هنا يمكن القول إن الرمز الشعري‪،‬‬
                         ‫‪ -‬الذاكرة الاسترجاعية‪.‬‬       ‫ومصاحباته المختلفة يمكن أن يؤسس لنسق شعري‬
          ‫‪ -‬الإشارات الدالة على الرموز الصغيرة‪.‬‬       ‫مميز‪ ،‬ويمكن أن يتحول في تفكير الراوية من مجرد‬
                  ‫أ ّما خارج الذات فيمكن أن نرى‪:‬‬       ‫حالة الغرابة التي تهيمن على بعض النصوص‪ ،‬إلى‬
                       ‫‪ -‬الأوصاف المادية للذات‪.‬‬       ‫حالة اليقين بالفكرة وبالرمز‪ ،‬وبالنسق الذي يرتبط‬
   101   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111