Page 155 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 155

‫حول العالم ‪1 5 3‬‬

 ‫الاقتحام الهمجي الإسرائيلي‬                ‫تم ُّثل(‪ )2‬نهائي للحرب عند‬       ‫القطع مع العيش في الماضي‪،‬‬
  ‫للمسجد الأقصى‪ ،‬وتقتيلهم‬              ‫العرب‪ ،‬خاصة في ظل الأحداث‬           ‫والتوقف عن استحضار أبطال‬
‫اليومي للمدنيين الفلسطينيين‪،‬‬           ‫المتسارعة التي عرفتها المنطقة‬
 ‫وتدمير منازل من يسمونهم‬                                                    ‫بادوا‪ ،‬والانكباب عوض ذلك‬
  ‫با ْلُ َخ ِّر ِبين‪ ،‬بالإضافة إلى ما‬      ‫العربية؛ ونقصد بالتحديد‬           ‫على التفكير في حلول ناجعة‬
  ‫يعانيه الفلسطينيون في هذه‬               ‫ثورات الربيع العربي‪ ،‬وما‬         ‫وف َّعالة للواقع العربي المتأزم‪،‬‬
   ‫الأيام من ُسعار صهيوني‬                 ‫أعقبها من إشاعة للفوضى‬              ‫لاسيما بعد أحداث الحادي‬
                                       ‫والدمار في العالم العربي‪ ،‬وكذا‬      ‫عشر من شتنبر‪ .‬وبالتالي فقد‬
                  ‫وحشي‪.‬‬                   ‫ما عشناه مؤخ ًرا من بوادر‬         ‫عبّرت الكاتبة عن ِح ٍّس تن ُّبئِي‬
                                       ‫انتفاضة فلسطينية جديدة بعد‬          ‫عا ٍل عندما تح َّرزت من تحديد‬

                                       ‫نص التعريب‬

  ‫وفي الوقت الراهن‪ ،‬كلما كان‬                  ‫ال َّطابع المد ِّمر للحروب‪،‬‬    ‫تركزت أنظار ملايين العرب‬
     ‫الأمر يتعلق بالحرب َت ْم ُثل‬           ‫ُت َخلِّد جميع الشعوب مآثر‬     ‫والمسلمين على «صدام حسين»‬
                                          ‫أبطالها في نصوص‪ ،‬شفهية‬
   ‫هذه النصوص والأشعار في‬                 ‫أو مكتوبة‪ُ ،‬ت َتوارث من جيل‬        ‫أثناء حرب الخليج الثانية؛ إذ‬
‫أذهان النخبة المثقفة‪ .‬إنها ذاكرة‬            ‫إلى جيل‪ .‬لذلك‪ ،‬أفرد «أبو‬           ‫أصبح بط ًل للأمة في زمن‬
 ‫َج ْمعية ُمؤ َّثثة بنصوص أُ ِخذت‬          ‫الفرج الأصفهاني» في عهد‬              ‫الأزمة السياسية‪ ،‬ساح ًرا‬
                                         ‫الدولة العباسية لأيام العرب‬          ‫الجماهير عبر خطاباته؛ أي‬
  ‫في المدارس‪ ،‬وأيضا بحكايات‬            ‫السبعمائة والألف كتا ًبا خا ًّصا‪.‬‬       ‫عبر اللوغوس(‪، Logos )3‬‬
   ‫ُرويت في ليالي ال َّسمر وذاع‬           ‫لقد كانت أيا ًما للحرب‪ .‬وفي‬
   ‫صيتها منذ قرون كحكايات‬                ‫نفس الفترة‪ ،‬جمع «أبو تمام»‬         ‫على الرغم من توظيفه لتعابير‬
   ‫سيف بن ذي يزن‪ ،‬وعنترة‪،‬‬                   ‫مادة كتابه الشهير ديوان‬        ‫جاهزة ولكليشيهات(‪ !)4‬فما هي‬
   ‫ومآثر أبي زيد الهلالي‪ .‬وقد‬                ‫الحماسة‪ ،‬الذي ضم بين‬
   ‫اس ُت ِعيد هذا الموروث الثقافي‬          ‫دفتيه عيون الشعر المتغنِّي‬         ‫الإوالية التي أثارها “صدام‬
  ‫عبر أمواج الأثير‪ ،‬ومن خلال‬              ‫بالبطولة منذ الجاهلية‪ .‬وقد‬          ‫حسين” في النفوس لمراكمة‬
    ‫شاشات التلفزة‪ ،‬خاصة في‬             ‫سار «البحتري» على ه ْد ِي «أبو‬      ‫هذا القدر من دعم الرأي العام‬
   ‫شهر رمضان‪ ،‬وتم توظيفه‬                  ‫تمام» كما أورد ذلك «الأعلم‬         ‫العربي؟ ولماذا اعتبر ‪-‬حسب‬
     ‫أي ًضا في السينما‪ُ ،‬مرس ًخا‬         ‫الشمتري»‪ .‬و ُمذاك‪ ،‬انتقل هذا‬
‫تم ُّث ًل معينًا للحرب وللشجاعة‪،‬‬        ‫التقليد إلى أجناس أدبية أخرى‬                    ‫البعض‪ -‬بط ًل؟‬
    ‫وللبطل في المتخيل الجمعي‬              ‫من قبيل الرسائل‪ ،‬والخطب‬            ‫لاشك أن الحرب هي النشاط‬
                                       ‫السياسية‪ ،‬والنصوص السردية‬
                    ‫العربي‪.‬‬               ‫والصحفية‪ ،‬وأي ًضا السينما‬            ‫الإنساني الذي ُن ْسبِغ عليه‬
   ‫ولكن‪ ،‬إلى أي حد يحكم هذا‬                                                ‫أبلغ القيم‪ ،‬مدارة عن مهاجمته‬
 ‫التم ُّثل للحرب صلاتنا بالعالم؟‬                          ‫والمسرح‪.‬‬          ‫لمبدأ الإنسانية نفسه؛ ونقصد‬
‫وهل لا يزال هذا التمثل ُمتماهيًا‬
    ‫مع إكراهات المرحلة‪ ،‬أم أنه‬                                                  ‫بذلك الحياة‪ُ .‬ي َراد للحرب‬
                                                                              ‫أن تكون عادلة‪ ،‬وأن يتحلى‬
                                                                             ‫من يعلنها بالقوة والشجاعة‬
                                                                           ‫والبسالة‪ .‬ومن أجل استئصال‬
   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159   160