Page 160 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 160

‫العـدد ‪31‬‬                                  ‫‪158‬‬

                                    ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬                               ‫وألتقي ال َّط ْعن تحت النَّ ْقع‬
                                                                                            ‫مبت ِسما‬
  ‫الجماعات الإرهابية‪ .‬وتضعنا‬           ‫دون محاولة تغيير قوانينه‬
 ‫التحولات السياسية في الدول‬           ‫وتبديل رموزه الأكثر تفاهة‪.‬‬          ‫والخيل عابسة قد بلَّها ال َع َر ُق‬
                                                                         ‫لو سابقتني المنايا وهي طالبة‬
    ‫المسلمة أمام تبريرات عدة‬            ‫و ُينظر إلى الحرب بوصفها‬
‫للحرب‪ُ ،‬محدثة بذلك انقسامات‬             ‫وسيلة لضمان استمرارية‬                ‫َق ْبض ال ُّنفوس أتاني ق ْبلها‬
                                                                                             ‫ال َّس ْب ُق‬
    ‫في هذه التم ُّثل‪ :‬فمن ناحية‪،‬‬          ‫العيش وتأكيد الذات‪ .‬إن‬
   ‫نجد التم ُّثل التقليدي للحرب‬        ‫[شعار] النصر أو الموت هو‬            ‫تتصادى وخطابات “صدام‬
  ‫المتصل برجل يتموقع في قمة‬         ‫لازمة المحاربين القدامى‪ ،‬ولكنه‬          ‫حسين” إ َّبان حرب الخليج‬
‫الهرم المجتمعي‪ ،‬قوي اقتصاد ًّيا‬       ‫أي ًضا لازمة المحاربين الجدد؛‬
                                        ‫فأقصر طريق نحو الخلود‬                               ‫الثانية؟‬
     ‫ومحارب مشهور يوظف‬                ‫هو طريق الحرب‪ ،‬خاصة أن‬            ‫يجيب الشاعر العراقي “صلاح‬
   ‫ال ِّدين بغرض تدعيم سلطته‪،‬‬        ‫الحياة الدنيا لا تشكل بالنسبة‬
 ‫باحثًا عن رضى شعبه والأمة‬            ‫إلى المؤمنين إلا مرحلة عابرة‬            ‫نيازي” عن هذا السؤال‬
   ‫ككل‪ .‬وقد اعتمدت عدة دول‬             ‫ُت َم ِّهد لحياة خالدة وسعيدة‪.‬‬     ‫بتقديمه وص ًفا للبطل القومي‬
   ‫غربية وإسرائيل هذا التمثل‬         ‫ولا ُيعتبر الانتصار في الحرب‬        ‫كما َيتب َّدى من خلال الكتابات‬
  ‫ال ُق ْطري للحرب في مواجهتهم‬      ‫وحده سببًا في السعادة الأبدية‪،‬‬      ‫الحديثة‪« :‬البطل القومي العربي‬
 ‫لما أسموه بـ”الإرهاب”‪ .‬ومن‬           ‫بل إنه فاتحة لاختبار جديد‪،‬‬
 ‫ناحية ثانية‪ ،‬نجد تمثَّل الشعب‬          ‫وذلك بالنظر إلى أن ال ِجهاد‬         ‫عملاق‪ ،‬قوي عضليًّا‪ ،‬عتيد‬
                                      ‫الأكبر يقوم على تجنب دناءة‬          ‫عنود‪ ،‬يتحدى الموت ويسعى‬
    ‫الفلسطيني للحرب‪ ،‬والذي‬              ‫الحياة الدنيا‪ ،‬والتَّع ُّفف عن‬
     ‫‪-‬لأسباب ترتبط بالتَّ َواني‬     ‫مغرياتها المختلفة‪ .‬كما ُينظر إلى‬         ‫للخلود‪ .‬جراحه نياشينه‪،‬‬
  ‫اللوجستي أو بسوء النية‪ -‬لا‬        ‫الشهيد بوصفه البطل الحقيقي‬                    ‫ورمحه لسانه»(‪.)24‬‬
                                     ‫أكثر من اعتبار المنتصر كذلك؛‬
            ‫نبحث عن تأويله‪.‬‬            ‫بحيث تطبق شهرته الآفاق‪.‬‬            ‫كما قدم «غسان الإمام» تب ًعا‬
                                      ‫وبتواري الشهيد عن الأنظار‬              ‫لأحداث الحادي عشر من‬
 ‫ثال ًثا‪ -‬البطل القومي‬                ‫يبزغ نجم ذريته‪ ،‬معل ًل بذلك‬
                                    ‫طموحهم الاجتماعي في التأثير‬         ‫شتنبر جوا ًبا آخر؛ يقول‪)..(« :‬‬
    ‫مع قيام الدولة ال ُّسلجوقية‬                                             ‫ولا تختلف صورة العربي‬
     ‫لم يعد إتقان اللغة العربية‬          ‫[في الآخرين]‪ ،‬وفي التمتع‬          ‫في بداية الألفية الثالثة كثي ًرا‬
   ‫الفصحى (الكلاسيَّة) شر ًطا‬        ‫بسلطة مؤقتة‪ .‬لذلك فربما من‬
    ‫لاز ًما للبطل حتى يستطيع‬                                              ‫عن صورته السائدة في بداية‬
    ‫إيجاد موقع له في المجتمع‪.‬‬           ‫المفروض أن ُنؤ ِّول عمليات‬          ‫الألفية الثانية؛ فعندما أراد‬
 ‫ويختلف الأمر بالنسبة لإتقان‬            ‫الفدائيين الفلسطينيين على‬          ‫المتنبي الانفلات من صورة‬
   ‫العربية العامية‪ .‬و ُيعد إتقان‬      ‫ضوء هذا المظهر من الحرب‪،‬‬             ‫عروبة هشة وغير مستقرة‪،‬‬
‫البطل للعربية دلي ًل على رسوخ‬         ‫دون أن ننسى ما تحمله هذه‬
    ‫انتمائه إلى المجتمع العربي‬        ‫العمليات في طياتها من يأس‬           ‫ومن إسلام طقوسي متحجر‬
 ‫المسلم‪ ،‬وهي نفسها ال ِع َلّة التي‬  ‫وانعدام حيلة‪ .‬ولهذا‪ ،‬من العبث‬         ‫في قوالب فكرية مبتذلة‪ ،‬غادر‬
‫ت َذ َّرع بها معارضو نظام «الملك‬    ‫أن نقارن تم ُّثل الحرب لدى هذا‬
   ‫فؤاد» بمصر‪ ،‬واستفاد منها‬           ‫الشعب المستع َمر منذ ما يزيد‬         ‫مصر وسوريا وهو يصرخ‬
‫أي ًضا «جمال عبد الناصر» الذي‬         ‫عن نصف قرن(‪ )25‬بالحروب‬                ‫قائ ًل‪« :‬يا أمة ضحكت من‬
    ‫استغل انتماءه إلى الطبقات‬           ‫التي يخوضها قادة الدول‬               ‫جهلها الأمم!”؛ فليس من‬
                                    ‫المسلمة‪ ،‬أو بتلك التي تخوضها‬         ‫الصدفة‪ ،‬والحالة هذه‪ ،‬أن أكبر‬
                   ‫الشعبية‪.‬‬                                             ‫شاعر عربي س ُيقتل غيلة وغد ًرا‬
 ‫ويصب في الاتجاه نفسه نعت‬                                                  ‫لحظة وصوله إلى العراق!”‪.‬‬
                                                                             ‫نعتقد أن طبيعة الحرب لا‬

                                                                               ‫تختلف أب ًدا بالنسبة إلى‬
                                                                         ‫الشعوب التي َتدين بالإسلام‪،‬‬
                                                                         ‫إنها قدر محتوم ُت َتح َّمل تبعاته‬
   155   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165