Page 158 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 158

‫العـدد ‪31‬‬                                  ‫‪156‬‬

                                        ‫يوليو ‪٢٠٢1‬‬                            ‫رجل السياسة إلى ال ِّشعر من‬
                                                                             ‫أجل إسماع صوته؛ فهو يربط‬
 ‫بين فريقين مسلمين؛ وهذا ما‬              ‫في غزلنا وفي علاقاتنا البيتية‪.‬‬
  ‫يفسر البحث الدائم للمعتدي‬              ‫ولأن طبيعة البطل استبدادية‪،‬‬           ‫بسالته بفصاحة كلامه‪ ،‬كما‬
                                                                                ‫يرتبط عمله بالمستقبل‪ ،‬ولا‬
    ‫عن تبري ٍر مشرو ٍع لحربه؛‬               ‫فإنه يسعى إلى جعل أفراد‬          ‫تكتمل كينونته إلا عندما يقود‬
  ‫عن حجة يقع الإجماع عليها‪.‬‬                ‫الأمة متشابهين في السلوك‬          ‫شعبه إلى الاستقلال؛ وبالتالي‬
  ‫لذلك‪ ،‬وظف “صدام حسين”‬                    ‫والعادات وأساليب التعبير‪،‬‬            ‫تتصل “صنائعه الباهرة”‬
‫خلال اجتياحه للكويت القضي َة‬               ‫لدرجة يتشابه فيها أسلوب‬              ‫بالأزمنة المستقبلية‪ .‬بيد أن‬
 ‫الفلسطيني َة من أجل استجلاب‬            ‫الأديب السلطوي بالأديب الضد‬           ‫الزمن هو الذي س ُيحدد هذه‬
   ‫مساندة الرأي العام العربي‪.‬‬            ‫[المناوئ للنِّظام الحاكم] تركيبًا‬  ‫الصنائع‪ ،‬بحيث سيصبح النفي‬
  ‫وإذا كان “صدام حسين” قد‬                                                       ‫والاعتقال والتعذيب بمثابة‬
‫استغنى عن مثل هذه التبريرات‬                       ‫ور َّنة ومعالجة”(‪.)21‬‬        ‫مآثر جديدة سيفرضها هذا‬
‫في حربه مع إيران‪ ،‬فذلك بحكم‬                   ‫غير أن “صلاح نيازي”‬
                                           ‫‪-‬من موقعه بوصفه شاع ًرا‬                     ‫العصر على البطل‪.‬‬
     ‫تهديد هذا البلد للممارسة‬              ‫ومناض ًل‪ -‬يرفض المجازفة‬          ‫وعلى البطل الحقيقي أن يتحمل‬
‫المؤسسية للإسلام؛ فإيران هي‬                ‫ب َق ْولبة الذاكرة الجمعية التي‬
‫البلد المتمرد على ال ُّسنَّة‪ ،‬وبالتالي‬    ‫سيفرزها هذا التوحيد للبطل‬              ‫“كل” شيء لاختلافه عن‬
                                          ‫القومي؛ حيث سيؤدي الأمر‬              ‫الرجال العاديين‪ .‬إنه الرجل‬
   ‫يمكن أن ينظر إليه بسهولة‬             ‫إلى تعتيم الحقيقة وإلى ضبابية‬           ‫الخارق باعتباره “حصيلة‬
  ‫على أنه معارض لنظام الأمة‪.‬‬              ‫ُتسيِّج الشعب بالشك والريبة‬        ‫تفاعلات جسيمة‪ ،‬تختلط فيها‬
 ‫ورغم ذلك‪َ ،‬ي ِشي هذا النموذج‬               ‫وتستنزف طاقته‪ .‬كما ُيملي‬          ‫الأسطورة والخرافة‪ ،‬بالواقع‬
                                              ‫هذا التوحيد على الشعب‬
     ‫بتناقض صارخ؛ فالحرب‬                    ‫كلماته‪ ،‬و ُيزين له محاسن‬            ‫والدين وال ُّطموح‪ .‬وما من‬
 ‫العادلة مثلما ح َّددها المسلمون‬           ‫سلام مغلوط‪ ،‬يبقى ه ًّشا في‬          ‫أمة تخلو من بطل قومي لا‬
 ‫الأوائل هي حرب ضد الكفار‪،‬‬                  ‫ظل غياب بطل يكمن دوره‬           ‫يتج ّسد آناء الحروب فقط ولكن‬
                                           ‫الأساس في اختلاق أعداء في‬           ‫في أيام ال ِّسلم أي ًضا‪ ،‬ويتخذ‬
   ‫والحال أن إيران ليست بل ًدا‬            ‫كل لحظة‪ ،‬وفي إقناع الشعب‬          ‫ِص َي ًغا مختلفة‪ ،‬فهو موجود في‬
 ‫للكفار‪ ،‬بل للمعارضين‪ ،‬وربما‬            ‫بعدالة قضيته‪َ .‬ب ْيد أنه لن ُينظر‬     ‫أنماط تعبيرنا وسيميائياتنا‪،‬‬
‫لهذا السبب سعى العراق ‪-‬تبعا‬             ‫إلى الحرب من هذا المنظور منذ‬          ‫في أساليب بحثنا ودراساتنا‪،‬‬
                                         ‫أن أصبحت عبارة عن مواجهة‬            ‫وفي اختيار فلسفاتنا‪ .‬إنه يؤثر‬
     ‫لهوية المتلقي‪ -‬إلى الإقناع‬
   ‫بقضيته مو ِّظ ًفا حج ًجا دينية‬

             ‫و‪ /‬أو سياسية‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬يبدو أن تم ُّثل الحرب‬
 ‫هو طريقة لتطويع‬

    ‫الماضي بغرض‬
    ‫تعليل الحاضر؛‬
    ‫ومن َثم يستمر‬
  ‫خطاب البسالة في‬
 ‫رسم صورة ُت ِشيد‬
 ‫بالبطل‪ ،‬و ُت ْد ِني أي‬
   ‫حرب حالية من‬
     ‫أخرى سابقة‪.‬‬

      ‫ي َّدعي العراق‬
   ‫العلماني البعثي‬
    ‫سحق إسرائيل‬
   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162   163