Page 242 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 242

‫المجتمعي والنفسي بدرجة‬            ‫قد يرى البعض غرابة في أن أضم الدور‬
 ‫معاناة فصائل أخرى‪ ،‬مما‬            ‫الديني مع السياسي في سياق واحد‪،‬‬
                                 ‫لكني أفعل هذا عم ًدا‪ ،‬لأن الواقع سواء‬
    ‫جعل مسئو ًل سياسيًّا‬         ‫في مصر أو هنا في أمريكا‪ ،‬ورغم ادعاءات‬
  ‫أمريكيًّا مثل عمدة مدينة‬         ‫الدولة المدنية والليبرالية العلمانية‬
                                  ‫التي تفصل الدين عن السياسة‪ ،‬يقول‬
      ‫جرسي سيتي حيث‬                ‫لنا الواقع أن هذا الفصل نظري فقط‪،‬‬
     ‫سكنت جالية مصرية‬              ‫بينما الدين والسياسة في حالة زواج‬
  ‫سنوات طويلة يقول «إن‬           ‫وإن كان زوا ًجا سر ًّيا أو عرف ًّيا‪ ،‬والمصالح‬
  ‫الأقباط هم نوعية الناس‬           ‫الدينية تمتزج مع المصالح السياسية‬
  ‫الذين ترجو وجودهم في‬
                                     ‫في تحقيق قدر كبير من‬         ‫الدور النفسي‬
                ‫مدينتك»‪.‬‬           ‫السلام النفسي والسلامة‬           ‫الإنساني‬
    ‫ينطبق هذا بشكل أكبر‬
 ‫بالطبع على عائلات الجيل‬              ‫الاجتماعية للأقباط في‬         ‫نصل إلي دور الكنيسة‬
   ‫المهجري الأول‪ ،‬ثم يقل‬         ‫خضم بحر الحياة الأمريكية‬           ‫القبطية في بناء إنسان‬
‫تأثيره تدريجيًّا في الأجيال‬                                         ‫مسيحي يطبق التعاليم‬
                                     ‫المتلاطم‪ ،‬وأدى التمسك‬    ‫المسيحية في حياته في أمريكا‬
       ‫اللاحقة‪ ،‬في الأولاد‬       ‫الديني والتلاحم الاجتماعي‬        ‫وهو المفترض أنه دورها‬
 ‫والأحفاد‪ ،‬وهو أمر متوقع‬          ‫العائلي لأقباط الكنائس إلى‬  ‫الأساسي‪ ،‬فهل بعد أكثر من‬
                                  ‫مساعدتهم في تجنب الكثير‬      ‫نصف قرن منذ أول كنيسة‬
   ‫وحدث مع كل الجاليات‬            ‫من مزالق وأخطار مغريات‬           ‫قبطية في أمريكا نجحت‬
     ‫الأخرى‪ ،‬وهذا التأثير‬        ‫ومغامرات الحياة الأمريكية‬
                                  ‫خاصة للشباب في المدارس‬                 ‫الكنيسة في هذا؟‬
  ‫العائلي والمجتمعي المحقق‬                                    ‫هنا لا أستطيع سوى تسجيل‬
 ‫للأمن والسلامة لا يرتبط‬           ‫والجامعات وبعد التخرج‪،‬‬
 ‫بالضرورة بتأثير إيجابي‬              ‫فالتقاليد المحافظة قامت‬      ‫قناعتي بناء على تجربتي‬
                                   ‫بدورها في الحفاظ‪ ،‬فرغم‬      ‫ومعرفتي الشخصية‪ ،‬وبهذا‬
      ‫فكري أو روحي على‬             ‫انخراط الأقباط في الحياة‬
‫الأقباط في المهجر‪ ،‬يجعلهم‬            ‫العملية الأمريكية بحكم‬      ‫قد لا تكون موضوعية أو‬
                                                                    ‫صحيحة‪ ،‬وفي رأي ٍي أن‬
       ‫أرحب وأوسع فه ًما‬         ‫العمل والسكن أسا ًسا‪ ،‬فإن‬
 ‫وتطبي ًقا للتعاليم المسيحية‬        ‫المجتمع القبطي المهجري‬     ‫الكنيسة لم تستطع الارتفاع‬
‫الجوهرية‪ ،‬أو أكثر انفتا ًحا‬           ‫بشكل عام هو مجتمع‬         ‫بالمستوي الروحي الفكري‬

    ‫فكر ًّيا وثقافيًّا‪ ،‬أو أكثر‬  ‫سليم لا يعاني من الأخطار‬         ‫ولا السلوكي للأقباط في‬
     ‫تقب ًل لمفاهيم عصرية‬           ‫المحيطة به مثل المخدرات‬       ‫المهجر بأي قدر ملموس‬
‫وتغييرات ثقافية متسارعة‪،‬‬
   ‫فهم بشكل عام يفكرون‬           ‫والجريمة والتفكك الأسري‬            ‫يفرقهم عن الأقباط في‬
‫بنفس الثقافة المصرية التي‬        ‫والبلطجة والبطالة والتفسخ‬      ‫مصر‪ ،‬هي بلا شك نجحت‬
‫ولدوا عليها‪ ،‬ورغم سنوات‬
‫طويلة في المجتمع الأمريكي‬
‫لم يتطور أسلوب تفكيرهم‬
    ‫بأي قدر ملموس‪ ،‬ولم‬
   ‫يتطور مفهومهم للتدين‬
‫المنغمس تما ًما في الطقوس‬
    ‫التلقائية‪ ،‬الخالي تقريبًا‬
  ‫من حرارة الروح‪ ،‬البعيد‬
   237   238   239   240   241   242   243   244   245   246   247