Page 246 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 246

‫العـدد ‪32‬‬                          ‫‪244‬‬

                             ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬                         ‫بأصوليتها حتى تحافظ‬
                                                             ‫على وجودها في نفس الحيز‬
  ‫مثقفة كشخصية هيباتيا‬        ‫القرن الثالث وأوائل القرن‬       ‫الجغرافي واستمراريتها في‬
    ‫الفيلسوفة التي تنتمي‬        ‫الرابع من تطرف فكري‬
     ‫للمدرسة الأفلاطونية‬            ‫وديني وأعمال قتل؟‬          ‫قلوب أتباعها والعمل على‬
                                ‫موضوع الورقة البحثية‬          ‫نشر أيدلوجياتها في نفس‬
  ‫الجديدة‪ ،‬مع سعة علمها‪،‬‬        ‫هذه‪ ،‬هو «من وراء مقتل‬
‫وجمالها وشبابها‪ ،‬والتفاف‬        ‫هيباتيا؟»‪ ،‬هل المسيحيين‬                 ‫الحيز البشري؟‬
                                ‫الأرثوذكس‪ ،‬أم حسادها‬         ‫قدي ًما في مدينة الاسكندرية‬
       ‫الكثيرين حولها؛ قد‬        ‫من الوثنيين‪ ،‬أم اليهود‬       ‫‪-‬في القرن الرابع الميلادي‬
  ‫سبب ضي ًقا في الأوساط‬                                     ‫تحدي ًدا‪ -‬كان الصراع داخل‬
    ‫المسيحية وخاصة لدي‬        ‫المتطرفين‪ ،‬أم أتباع السلطة‬     ‫الإمبراطورية الرومانية بين‬
‫الأكليروس‪ ،‬فما كان منهم‬          ‫الحاكمة؟ أم أن كل تلك‬         ‫الأطراف الثلاثة الرئيسية‬
  ‫إلا استعداء العامة عليها‬      ‫الأطراف وكافة الظروف‬        ‫(المسيحية بمختلف نزاعاتها‬
                                 ‫مجتمعة ساهمت بشك ٍل‬
     ‫وقتلها‪ ..‬نقول «يبدو»‬                                          ‫اللاهوتية‪ ،‬واليهودية‬
  ‫لأن مقتلها شائك‪ ،‬تدخل‬      ‫متسا ٍو أو متفاو ٍت في قتلها؟‬   ‫بمختلف مدارسها‪ ،‬والوثنية‬
 ‫فيه العديد من الصراعات‬             ‫هيباتيا اسم يونانى‬      ‫بأنواعها)‪ ،‬حتى وصل الأمر‬
 ‫السياسية والدينية‪ ،‬ونحن‬
                                ‫‪Υπατί�α‬بمعنى الراقية‬           ‫إلى إضعاف الإمبراطورية‬
      ‫هنا لا نجزم بتوجيه‬          ‫أو السامية‪ ،‬وهي أول‬       ‫من الداخل‪ ،‬وفي الوقت نفسه‬
     ‫الاتهام إلى أحد‪ ،‬لكننا‬
  ‫سنحاول قدر الإمكان أن‬         ‫عالمة في التاريخ‪ ،‬وتعتبر‬        ‫تحولت أعداد غفيرة من‬
    ‫نضع كل الحقائق أمام‬        ‫أي ًضا علم من أعلام الفكر‬      ‫غير المسيحيين للمسيحية‪،‬‬
    ‫القارئ‪ ،‬وكل الأطراف‬         ‫الفلسفي في القرن الرابع‬     ‫وبدأت أعداد غير المسيحيين‬
 ‫تقدم أوراقها بكل حيادية‪،‬‬      ‫الميلادي‪ ،‬الملقبة بفيلسوفة‬     ‫في الانحسار؛ مما أدى إلى‬
  ‫وهو ‪-‬القارئ‪ -‬من يقرر‬       ‫الإسكندرية‪ ،‬وهي ابنة ثيون‬       ‫الشعور بالزهو والعزة لدي‬
 ‫من يح ِّمل وزر مقتلها‪ ،‬أو‬    ‫‪ Theon‬أستاذ الرياضيات‬          ‫الكنيسة والشعب المسيحي‪،‬‬
  ‫ربما في النهاية قد يشير‬
  ‫بأصابع الاتهام للجميع‪.‬‬          ‫في متحف الإسكندرية‬             ‫والنظر لغير المسيحيين‬
 ‫لقد كان من دلائل عبقرية‬     ‫وآخر عالم عظيم من علمائه‬        ‫باعتبارهم أولاد جهنم‪ ،‬مما‬
    ‫هيباتيا أنها تعلمت على‬                                   ‫دفع الإمبراطور قسطنطين‬
    ‫نفقة الدولة الرومانية‪،‬‬       ‫الذين سجلت أسماؤهم‬
                               ‫في سجل أساتذة المتحف‪،‬‬           ‫الكبير (‪ )337 -285‬إلى‬
                               ‫ويبدو أن وجود شخصية‬                     ‫اعتناق المسيحية‬
                                                                        ‫وجعلها الديانة‬
                                                                       ‫الرسمية للدولة‪،‬‬
                                                                            ‫ظنًّا منه أن‬
                                                                          ‫هذا يؤدي إلى‬
                                                                      ‫نهوض واستقرار‬
                                                                       ‫البلاد‪ ،‬هنا يمكن‬
                                                                           ‫أن نتساءل‪:‬‬
                                                                         ‫هل كانت هذه‬
                                                                       ‫الخطوة سببًا في‬
                                                                          ‫الأحداث التي‬
                                                                       ‫وقعت في أواخر‬
   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251