Page 248 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 248

‫العـدد ‪32‬‬                 ‫‪246‬‬

         ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬

         ‫آخر؛ ففي أي وقت تسنح‬        ‫كيرلس‪ ،‬بداية من سقراط‬

         ‫له الفرصة يندفع بطريقة‬      ‫الأقرب للحدث في زمانه‪،‬‬

         ‫مفرطة ومبالغ فيها‪ ،‬ولا‬      ‫إلى المؤرخين والمدافعين‬

‫هيباتيا‬  ‫يتوقف إلا بإراقة الدماء»‪.‬‬   ‫عن الكنيسة الأرثوذكسية‬

         ‫(‪.p ,1952 ,Socrates‬‬         ‫في زمانا؛ فالمؤيدين للبابا‬

         ‫كيرلس يرجعون أسباب ‪)159‬‬

         ‫وقد ورد حادث مقتل‬           ‫مقتل هيباتيا إلى الأحداث‬

         ‫هيباتيا في كتاب سقراط‬       ‫التي كانت في مدينة‬

         ‫«تاريخ الكنيسة» كالآتي‪:‬‬     ‫الإسكندرية في ذاك الوقت‪،‬‬

         ‫«في الخلاف الذي كان‬         ‫وخلاف أورستيس مع‬

         ‫دائ ًرا بين البابا والحاكم‬  ‫البابا كيرلس وأفعاله مع‬
         ‫الروماني‪ ،‬والحفل الذي‬       ‫المسيحيين هي التي قادت‬

         ‫كان يقيمه للرقص اليهودي‬     ‫إلى مقتلها‪ .‬وهم يعتمدون‬

         ‫لاستفزاز المسيحيين بتأييد‬   ‫مصدرين أساسيين هما‪:‬‬

         ‫من هيباتيا‪ ،‬نشر فيها‬        ‫كتابات سقراط المؤرخ‬

         ‫أوريستيس لوائح جديدة في‬     ‫الكنسي الذي كتب هذا بعد‬

         ‫مسرح المدينة‪ ،‬وهي بالفعل‬    ‫وفاتها بفترة صغيرة‪ ،‬وبعده‬

         ‫كانت تدعو للفتنة ومحاولة‬    ‫الأسقف يوحنا النقيوسى‬

         ‫لقمع الأساقفة المسيحيين‬     ‫الذي كتب سنة ‪650‬م‪،‬‬
         ‫بشكل مستفز‪ ،‬وفيه أص ًل‬
                                     ‫لكن الاختلاف بين الاثنين؛‬

         ‫تع ٍّد على اختصاصات‬         ‫أن سقراط اعتبر الجريمة‬
                                     ‫عم ًل شني ًعا أبعد ما يكون‬
         ‫الكنيسة‪ ،‬فاعترض كاتب‬

         ‫مسيحي اسمه هيراكس‬           ‫عن الروح المسيحية‪ ،‬بينما‬
                                     ‫النقيوسى اعتبره عم ًل‬
         ‫‪ ،Hierax‬وهو إنسان‬

         ‫مشهور بالورع‪ ،‬فأمر‬          ‫تقيًّا؛ فنجد أن سقراط قد‬

         ‫الحاكم الروماني أن‬          ‫وضع حادثة مقتل هيباتيا‬

         ‫يقبض عليه و ُيعذب علنًا‬     ‫ضمن سياق شغب المدنيين‬
          ‫على المسرح‪ .‬فاعترض‬         ‫السكندريين‪ ،‬وأنها سقطت‬

         ‫البابا على هذا‪ ،‬وو َّضح‬     ‫ضحية للغيرة السياسية‬

         ‫الخطورة القصوى من هذا‬       ‫التي سادت في ذلك الوقت‪،‬‬

         ‫أنها ستشعل الإسكندرية‬       ‫ويصف سلسلة الأحداث‬

         ‫غضبًا وفتنة‪ ،‬وهذا شجع‬       ‫من خطين متداخلين‪ :‬الأول‬

         ‫اليهود أن يهيجوا علي‬        ‫زيادة عنف الرعاع‪ ،‬والثاني‬

         ‫المسيحيين أكثر‪ ،‬وحاولوا‬     ‫هو زيادة الشقاق بين البابا‬

         ‫طرد كثير من المسيحيين‬       ‫كيرلس ووالي الإسكندرية‬
                                     ‫أورستس‪ ،‬نجده مث ًل يعلق‬
         ‫وقتل الكثيرين منهم في‬

         ‫الليلة نفسها‪ ،‬وأحرقوا عدة‬   ‫على شغب الشعب بقوله‪:‬‬

         ‫كنائس‪ ،‬فخرج مسيحيون‬         ‫«إن عامة الشعب السكندري‬

         ‫في الصباح إلى المعابد‬       ‫يسعد بالشغب عن أي شعب‬
   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253