Page 245 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 245

‫‪243‬‬        ‫الملف الثقـافي‬

‫جيل ميناج‬  ‫إدوارد جيبون‬     ‫داماسيوس‬                         ‫المسيحيّة الأرثوذوكسية‪،‬‬
                                                            ‫وكان البابا السابق المتنيح‬
   ‫له حر ًفا لكنه نفذ فتوى‬   ‫وابن حجر العسقلانى‪ .‬أما‬       ‫البابا شنوده من الرافضين‬
‫حكمت بإهدار دمه ليضمن‬       ‫الحسين بن منصور الحلاج‬
                             ‫(‪ )922 -858‬الذي حاول‬              ‫بشدة لهذا النهج‪ ،‬الذي‬
       ‫بهذا دخول الجنة‪..‬‬    ‫التوفيق بين الدين والفلسفة‬       ‫أسسه الأب متي المسكين‬
    ‫من هنا لا بد أن نطرح‬                                   ‫في دير أبي مقار الذي كان‬
                               ‫اليونانية على أساس من‬         ‫رئي ًسا له‪ ،‬وانتمي العديد‬
        ‫التساؤلات الآتية‪:‬‬     ‫التجربة الصوفية‪ ،‬فاتهمه‬      ‫من التلاميذ لهذه المدرسة‪،‬‬
   ‫‪ -‬الأصولية المتطرفة في‬    ‫الفقهاء الإسلاميين بالكفر‪،‬‬     ‫حيث كانت تدرس التراث‬
                            ‫فتم تقييده وضربه بالسياط‬
    ‫كل الملل وزعم امتلاك‬      ‫ثم صلبه قبل قطع رأسه‪،‬‬           ‫الآبائي مع الانفتاح على‬
 ‫الحقيقة المطلقة التي تعمل‬    ‫ثم حرق جثمانه‪ .‬ومأساة‬        ‫مجمل الأفكار اللاهوتية في‬
‫على إقصاء الآخر المختلف‪..‬‬     ‫المفكر الفارسي ابن المقفع‬    ‫الغرب للكنيسة الكاثوليكية‬
                              ‫الذى كان مصرعه شبي ًها‬
     ‫هل يعد هذا مقدمة أو‬     ‫بمصرعها‪ ،‬حيث تم تقطيع‬           ‫والكنيسة البروتستانتية‪،‬‬
‫سببًا يترتب عليه ‪-‬كنتيجة‬                                  ‫وهو الأمر الذي أثار حفيظة‬
‫طبيعيَّة‪ -‬عملية تصفية هذا‬       ‫جسده‪ ..‬وكان ينظر إلى‬
                            ‫أعضائه وهى تلقى في النار‪.‬‬        ‫رافضي المدرسة المتاوية‬
            ‫الآخر وقتله؟‬                                        ‫وحكموا بهرطقته هو‬
   ‫‪ -‬عندما تضع دولة ما‬         ‫وبالنهاية المأساوية لعبد‬
  ‫في دستورها اعتماد دين‬        ‫الحميد الكاتب الذى قتله‬       ‫وأتباعه‪ ،‬ولعل هذا يفسر‬
                              ‫العباسيون بوضع طست‬           ‫واقعة قتل الأنبا أبيفانيوس‬
      ‫معين الدين الرسمي‬       ‫محمى على رأسه‪ ..‬وفرج‬        ‫رئيس دير أبي مقار وتلميذ‬
   ‫للدولة‪ ..‬هل يشجع ذلك‬        ‫فودة في العصر الحديث‬
   ‫على تعميق أصولية هذا‬       ‫الذي قتله شخص لم يقرأ‬               ‫الأب متي المسكين‪.‬‬
‫الدين وتطرفه؛ وفي الوقت‬                                     ‫الأمر لا يتوقف على الدين‬

     ‫نفسه يعمل على جعل‬                                        ‫المسيحي فقط‪ ،‬في الدين‬
  ‫الديانات الأخرى تتمسك‬                                  ‫الإسلامي هناك أي ًضا تطرف‬
                                                         ‫فكري وديني تسبب في مقتل‬
                                                          ‫الكثيرين أمثال السهروردى‬

                                                             ‫(‪ )1191 -1153‬الذى أمر‬
                                                            ‫صلاح الدين الأيوبى ابنه‬
                                                           ‫الظاهر سلطان حلب بقتله‪.‬‬
                                                             ‫لأنه كان يتبع لغة رمزية‬
                                                            ‫تستمد ألفاظها من الحكمة‬
                                                           ‫الفارسية القديمة‪ ،‬ويتوافق‬

                                                              ‫مع أراء الفلاسفة أمثال‬
                                                           ‫أرسطو‪ ،‬كذلك محيى الدين‬
                                                           ‫بن عربى (‪)1240 -1165‬‬

                                                               ‫الذي أثار عليه الفقهاء‬
                                                         ‫فنسبوا إليه أنه يشيع المذاهب‬

                                                               ‫الضالة‪ ،‬وكان من بين‬
                                                           ‫خصومه الذين اتهموه بكل‬
                                                          ‫ذلك ابن تيميه وابن خلدون‬
   240   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250