Page 83 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 83

‫‪81‬‬    ‫إبداع ومبدعون‬

      ‫قصــة‬

                                                             ‫سفيان رجب‬

                                                                                 ‫(تونس)‬

                      ‫ماذا تفعل أنجيلينا جولي في بيتي؟‬

      ‫‪ -‬لكن المرأة التي اختارتها لك أمك جميلة‪.‬‬                                                      ‫‪ -1‬باقة ورد أصفر‬

‫‪ -‬أريد هذه المرأة التي قادتني من آخر المدينة‪ ،‬كنت‬                                          ‫أنا الرجل الذي تبع المرأة صاحبة الفستان الأزرق‬
                                                                                                         ‫القصير‪ ،‬حاملة باقة الورد الأصفر‪.‬‬
  ‫جال ًسا في المقهى‪ ،‬ورأيتها تم ّر بفستانها الأزرق‬                                                                    ‫سيقول ذوو الحكمة‪:‬‬
‫القصير وبباقة أزهار صفراء‪ .‬هل كانت تعرف كم‬
                                                                                           ‫‪ -‬يا للعار‪ .‬رجل متز ّوج في الأربعين يتبع امرأة في‬
      ‫أح ّب الأزهار الصفراء هذه المرأة الغريبة؟ وهل‬                                                                                ‫شار ٍع‪.‬‬
‫كانت تعرف أ ّن اليوم عيد ميلادي؟ إنها هبة إلهيّة‬
            ‫الكئيب‪.‬‬   ‫أرسلتها السماء إل ّي أنا الأرض ّي‬                                   ‫وسيقول من قرأ كتاب حياتي بالدهشة التي قرأ بها‬
‫ك ّل‬  ‫أزها ًرا صفراء‬  ‫‪ -‬لكن زوجتك كانت تهدي إليك‬                                           ‫روائ ّي شا ّب الكتاب الأحمر لكارل غوستاف يونغ‪:‬‬

                      ‫سنة في عيد ميلادك‪.‬‬                                                    ‫‪ -‬هذا مصير من خبّأ عواطف ال ّشباب في شرنقة‬
                                                                                              ‫الخجل‪ ،‬واستكان لمن اختارتها له أ ّمه من ح ّمام‬
      ‫‪ -‬اصمت أيها الثرثار الأحمق‪ .‬أنا أح ّب الأزهار‬
‫الصفراء‪ ،‬وامرأة غريبة تلبس فستا ًنا أزرق قصي ًرا‬                                                                                  ‫النّساء‪:‬‬
                      ‫أتبعها في المدينة برجاء وحزن‪.‬‬                                                                    ‫إنها بيضاء كشمعة‪،‬‬

‫أصبح هدفي الوجود ّي الوحيد في حياتي الآن هو أن‬                                                                            ‫وصافية كدمعة‪.‬‬
  ‫تنظر إل ّي المرأة التي تمشي أمامي بأسلوب الممثلة‬                                                                             ‫فمها تفاح‪،‬‬

‫الأمريكية أنجلينا جولي‪ ،‬وتهديني ابتسامة واحدة‪.‬‬                                                                         ‫وابتسامتها صباح‪.‬‬
                                                                                             ‫كك ّل بنات حواء عرفت أ ّمي كيف تخ ّدر عواطفي‬
  ‫لم أشأ أن أسرع الخطى وأتجاوزها‪ ،‬ث ّم أصطنع‬                                                   ‫باستعاراتها‪ ،‬وتش ّوش خليّة رغباتي العالقة في‬
‫اِ ْلتفاتة مباغتة إليها‪ ،‬حتّى لا أثير انتباه الما ّرة الذين‬                                   ‫سياج ال ّطفولة الذي كنت أتسلّل منه إلى بستان‬
   ‫كانوا يحيّونها برفع رؤوسهم والابتسام لها‪.‬‬
‫وشقرفا ْئتحأ اخلليّ ًرحامأمثا ّممدد ّخكال ْنت‪.‬إبرساأهتيبمعهاال إجذ ّزان‪،‬ر‪،‬ونأظخرتلتق إلى‬                             ‫جارنا‪ ،‬لأقطف التّفاح‪.‬‬
‫الج ّزار‪ ،‬سأسأله باستغراب عن‬     ‫حسوّرا ًراغلامءعاإللّبرحاوهيم‪،‬م‬                               ‫أ ّمي لم تقرأ فرويد ولم تقرأ كارل يونغ‪ ،‬لكنّها‬
‫وأثناء ذلك أنظر إلى وجه المرأة‪.‬‬                                                           ‫تدرك العلاقة بين ال ّطفولة والتّفاح والجنس‪ ،‬وهكذا‬
‫ر ّبما تعلّق على كلامي‪ ،‬أو ر ّبما تكتفي بز ّم شفتيها‪.‬‬                                           ‫ج ّرتني إلى القفص ال ّذهبي‪ ،‬فتبعتها مثل جرو‬
‫لا ش ّك أ ّن شفتيها رقيقتين وحمراوتين مثل بتلتي‬                                             ‫مسالم‪ ،‬ووضعتني في حضن المرأة التي اختارتها‬
‫زهرة لوتس‪ .‬ر ّبما تفتح عينيها قلي ًل مستغربة‬
‫كلامي‪ ،‬لا ش ّك في أ ّن عينيها ذابحتين تما ًما مثل‬                                                                                     ‫لي‪.‬‬
       ‫عين ْي أنجلينا جولي‪ ،‬العينين اللتين ذ ّوبت بهما‬                                        ‫لكن لم أر شم ًعا في ليال ّي ال ّسود‪ ،‬ولم أذق ت ّفا ًحا‬
      ‫ملايين المشاهدين في العالم‪ ،‬وأنستهم المجاعات‬                                         ‫بل ّذة ما اشتهيت‪ ،‬وانتهيت مراه ًقا في الأربعين يتبع‬
‫والحروب‪ .‬لك ّن الج ّزار اللّعين سيزعق في وجهي‪:‬‬
                                                                                                      ‫امرأة في شارع‪ .‬هذا ما جنته عليّ أ ّمي‪.‬‬
‫‪ -‬عليك أن تدفع ما عليك من حساب‪ ،‬لقد م ّرت بي‬                                                          ‫‪ -‬هي امرأة أ ّمي إذن‪ ،‬وليست امرأتي‪.‬‬
                                                                                                 ‫وح ّل داخلي شخصان متناقضان يتجادلان‪:‬‬
   78   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88