Page 100 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 100
العـدد 34 98
أكتوبر ٢٠٢1
عائلية» ،تأتي قصة «أنا شجرة» وفيها -مع قصص مع مآسي الإنسان في كل بلد عا َنى مواطنوه من
أخرى -نلمح حرص الكاتبة على فردانية الوعي الحروب.
وتم ُّيزه ،مقاومته للتيار الجارف ،الحث على إبراز
قدرة الفرد واختياراته حتى لو خالفت الجموع، فالحرب ترمي ب ِظلالها وصراعاتها على حياة
النماذج البشرية في القصص ،وكأنها المياه الجوفية
تقول« :أتذكرها جي ًدا تلك اللحظة التي عبرت فيها التي ت ُم ُّر؛ فتقطع شرايين الوجد الإنساني ،وتضعه
وهم الجماعة إلى وهمي الخاص»( .ص)11
في مواجهات عدميةُ .تع ِّشقها الكاتبة في أرابيسك
في اختيار الشجرة ذاتها للكينونة المخالفة؛ نلمس عربي أُسري أو عائلي ،أو شناشيل ،وتهندسها
القوة والرسوخ ،الرغبة في مقاومة الضياع بالسرد بداية من رائحة الأرض حتى ملمسها
والتلاشي ،نو ًعا من تثبيت الوجود في تلك الأرض وزرعها وأنهارها مع اليوميات الإنسانية.
رغم الحروب والمعارك ،واستمرار مقاومة كل لا تغرق هذه المجموعة في التهاويم والانفصال
المقولات المغلوطة في الخطابات الدينية ،التي عن الواقع؛ بل يرى القارئ نفسه وبعض أشواقه،
اكتسبت رسو ًخا وتقدي ًسا لدى الجماهير. وجوانب من إنسانيته في النصوص ،فيتعلق بالسرد
ويتفاعل معه ،يرى أي ًضا بعض معاناتنا الجوهرية
تجسد الكاتبة -بفنية شفيفة -الإنسان الذي يقوده في بلداننا الإسلامية ،في إطار إنساني ومجتمعي
عقله ،يرى الأشياء دون الضباب الذي أحاط بها،
وقتها يشعر بمتعة الانسلاخ والتجدد والولادة، أي ًضا.
تقول الساردة الشجرة« :للحظة يستطيع ِس ُّر فتع ِّرج القصص -بطريقة التصريح
كينونتي الأخضر لمْ َس باب السماء
والابتسامة لكل من يمر هناك ،الملائكة تارة ،والكناية تارة أخرى -على
أو الحالمون مثلي ،هذا ما تيقنت منه بعد َدور الخطابات الدينية في مجتمعاتنا،
أن مارست غرابتي بشجاعة ،لا شيء
مما يقوله ذلك العمود الحجري المرتفع وسلوك وطبيعة بعض رجال
في القرية صائب» (ص ،)11لعلنا هنا نلاحظ كيف الدين غير السوية ،والتي لا
وصفت الكاتبة الشيخ وما يمثله من مقولات تتسم باللياقة ،لكنها تشير أي ًضا لعمق
بذلك العمود الحجري ،ومن خلال وتغلغل موقعهم وتأثيرهم في العقل الجمعي
هذه الصورة ندرك مرامي الوعي للمجتمع ،مهما أتوا من أفعال ،ولذا تظل
السارد في المجموعة بإبراز بعض سطوة وجودهم وخطاباتهم على العقول،
قضايا مجتمعاتنا الملِ َّحة ،لكننا أي ًضا ففي قصة «أنا شجرة» ،تقول
نلحظ أن الحلول لم تزل فردية بعد أن حكت أن القرية أمسكت
واستثنائية. بشيخ جامعها الحاج (معروف)
وفي إطار تعرية وهو متلبس بفعل رذيل« :وفي
العقل الجمعي لعموم وسط دوامة معتادة
الجماهير؛ تحكي الكاتبة عاد الشيخ إلى الجامع،
أي ًضا في َن ِّص «حكاية وعادت مجاميع الرجال هنا
عمتي» لتكشف النسق
تجلس تحت منبره،
الثقافي العميق للنساء، وتصدق صوته
كما دجنتهن الثقافة
الذكورية تقول: العالي ،وكلماته المتبخترة
«النساء في ُقرانا باعوجاج لسانه ،وخبث
مجبولات على
صوته حين يطلقها».
(ص)9
في مستهل مقصود
لمجموعة «دفاتر