Page 103 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 103
نون النسوة 1 0 1 بانتظار أن ت ُم َّر دون َح ْم ِل بعض أحزاننا وأوراق
انتماء لمكان سيئ الحظ ،كيف سنكبر ونحن نخاف؟
على صفحة القاموس التي اختارتها أمها ،وتربط
بينها وبين البومة التي وجدها أخوها في البيت ،وما الخوف يعيق البهجة الضرورية للنمو»( .ص،)38
تعرضت له الأسرة بالفعل من سوء طالع تقول« :هل كما سبق الإشارة إلى السرد بصوت شجرة في َن ِّص
يمكن أن يقول القاموس حقائق الغد؟ من يومها تركت
أنا كل ألاعيب فتح آفاق التلصص على المستقبل ولو «أنا شجرة».
مزا ًحا»( .ص ،)17يشير النَّص للمناطق التي ت َظل شخصيات المقاومة في دفاتر العائلة
متحركة ولا يمكننا أن نغلقها في لاوعينا العميق،
مساحات الغيبيات بحياتنا ،فبالرغم من ر ْفضنا معظم شخصيات النصوص ،حتى الأطفال منهم،
لبعض ما نرثه من عوائلنا؛ إلا أن تأثيره يبقى في لديهم َت ْوق للخروج عن ال ُأطر التقليدية المعتادين
عيشها ،حيث السعي لالتقاط لحظة تح ُّرر ،والتطلع
نسقنا الثقافي العام. لنوع من المغامرة بعي ًدا عن قيود الواقع وتكلسات
وكثي ًرا ما يتضمن السرد بعض ال ُجمل التي تصف مقولاته وموروثه ،شخصيات تقاوم العقم ،الحرب
الطبيعة البشرية ،وهو ما ينجزه الأدب ضمن وظائفه والدمار والكراهية ،قيود الأفكار سابقة التجهيز،
غير المحددة ،تقول الابنة الساردة« :الإنسان كائن من ترفض الخطابات الدينية غير الإنسانية المتشددة،
ملل وسأم اليومي المكرور ،التشيوء والغرق في عالم
َو ْهم لا يتوق لشيء أب ًدا كما يتوق لأوهامه».
في َن ِّص «كنزة آلاء» تفكر الطفلة« :كم سيبدو لطي ًفا الصور ،الكتابة لأهداف مادية.
أن تطير هذه الكنزة في الهواء ،ربما ستسقط تحت تتجسد ال َعمة -في قصة «حكاية عمتي» -عاشقة
للحياة ،خارجة من مائها الدافق كحورية ،تقول عنها
العجلات ،أو تعود إلى البيت مل ِّوحة لأمها ،ربما الساردة« :تطير مع الزمن بتح ٍّد ،فتحاول أن تزرع
ستطير بعي ًدا لتط ُرق باب الله»( .ص)19 في كل دقيقة ت ُم ُّر عليها منه ِب ْذرة ما»( .ص)24
لنعرف مع تق ُّدم السرد أنها تحارب العقم الذي
تتمتع لغة المجموعة بقدر من الشاعرية ،التي تتساوق ُفرض عليها حين اقترنت بزوجها ،دائما ما ش َّكلت
مع معانيها الوجودية المضغمة بالحكي ،فتقول النساء العاشقات للحياة والفرح علامات استفهام في
مجتمعاتنا ،و ُك َّن مدا ًرا لتع ُّدد التأويل والشك .وبالرغم
الشجرة في القصة الأولى« :أنا شجرة الآن ،أتو َّحد من استسلام الشخصيات لأقدراها فترات طويلة؛
مع الأرض والهواء ،مع الضوء والماء ،أذوب كعاشق إلا أنهم يتمتعون بقوة الخروج والتغيير في بعض
َسا َر مئة عام ليبلغ َك َّف حبيبة منتظرة ،أشرق كزهرة
القصص.
غسل وجهها مطر آذار ،أتكاثر كوجه الله في عيون في قصة «القاموس» ،تتجسد الأم ضمن البشر الذين
المخذولين ،والمظلومين»( .ص)11
ُجبلوا على انتظار هطول الأشياء الجميلة ،تمارس
في قصص أخرى تبدو شعرية اللغة تواقه الحلم كطقس يومي جاد ،المؤقت هو ما ت ُم ُّر به
لخصوصية الإنسان وفرديته ،عن رغباته حول كيف
وتعيشه ،فهي من الشخصيات التي تؤمن بالغيبيات،
يرتضي عيشه ،ولذا يأتي عنوان المجموعة «دفاتر وتعلِّق اليوم في مقابل الغد الذي لا يأتي .حيث يعاني
عائلية» عنوا ًنا مراو ًغا؛ فهي على الأحرى دفاتر كثيرون من البشر من متلازمة تعليق الحياة وانتظار
يتجادل فيها الإنسان مع محيطه بغية أن يجد ذاته القادم الذي لا يأتي في الغالب.
ويتسق معها تتعجب الساردة الابنة من موقفها من قناعات
أمها الغيبية ،تقول« :حتى الآن لم أفهم ِس َّر تلك
الهوامش: السخرية ،أكانت حقيقية أم أنها خوف من أسرار
الكون الدفينة»( .ص ،)15وتعلِّق على البومة المرسومة
-1إشراق سامي ،دفاتر عائلية ،دار ميريت،
القاهرة.2021 ،
-2مارك أوجيه :الزمن أطلا ًل ،ت .جمال شحيد،
هيئة البحرين للثقافة والآثار ،البحرين.131 ،2016 ،