Page 101 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 101

‫نون النسوة ‪9 9‬‬

‫مارك أوجيه‬      ‫إشراق سامي‬                              ‫طبيعة متناقضة غريبة‪ ،‬فهن في الغالب مكسورات‬
                                                       ‫ومظلومات‪ ،‬واعيات لهذا الكسر والظلم‪ ،‬لكنهن مع‬
     ‫قد ًرا من الفنتازيا أو غرائبية التناول في بعض‬      ‫ذلك ورغم ذلك قاسيات على بعضهن بطريقة غير‬
‫النصوص مثل َن ِّص «أنا شجرة» و»الجائزة»‪ ،‬تقول‬           ‫مفهومة لنا‪ ،‬القسوة وسيلتهن الشاذة للتعاطف»‪.‬‬

   ‫في الأخير‪« :‬كيف أنتهي وعندي مشكلة مع ختام‬                                                 ‫(ص‪)26‬‬
   ‫الحكاية؟ خلل فني يجعل أجهزة الحاسوب تبتلع‬             ‫وفي قصتها «أول الحب‪ ..‬أول الخذلان»‪ ،‬تتحدث‬

                      ‫الأسطر الأخيرة»‪( .‬ص‪)21‬‬                ‫القاصة حول أن أصعب رهانات المرء هي أن‬
‫التوجس في إهاب فنتازي‪ ،‬والشعور بالاضطهاد في‬              ‫يفوز بنفسه‪ ،‬فبعد أن كان «محمد السبع» البطل‬
                                                        ‫معت ًّدا بنفسه وقوته‪ ،‬مستنك ًرا ِفعل أمه وخاطرها‬
  ‫بنية شخصية كاتب القصة في َن ِّص الجائزة‪ ،‬كأن‬        ‫المكسور‪ ،‬بعد أن تز َّوج أبوه عليها‪ ،‬وتركهم في غرفة‬
  ‫القاصة تشير لبعض الظواهر السلبية لدى بعض‬              ‫في حديقة بيته‪ ،‬يقول واص ًفا أياها‪« :‬كان شي ٌء قد‬
  ‫المبدعين حين تنطلق كتاباتهم فقط من أجل التقدم‬         ‫انكسر في صدر أمه‪ ،‬شي ٌء كالابتسامة‪ ،‬أو المحبة‬
                                                        ‫أو الدهشة‪ ،‬أصبحت منذ تلك اللحظة باهتة الكلمة‬
         ‫ل َنيل الجوائز‪ ،‬وطباعة أعمالهم وترجمتها‪.‬‬       ‫والإحساس‪ ،‬تدور ضمن الأيام بحياد‪ ،‬ت ُم ُّر عليها‬
 ‫وتتناول قضايا الكتابة أي ًضا في َن ِّص «طعام سيِّئ»‬     ‫الفصول ولا تنفعل‪ ،‬لا تفرح ولا تبكي‪ ،‬ولا يهتز‬

      ‫تقول‪« :‬لل ُكتاب أي ًضا مزاج خاص في اكتشاف‬                ‫قلبها شغ ًفا ولا رغبة في شيء»‪( .‬ص‪)12‬‬
‫الأطعمة اللذيذة‪ ،‬فالنَّص الساخن والطري هو الأكثر‬        ‫ثم تصف القاصة شعور بطل قصتها بالحب‪ ،‬فلا‬

  ‫إثارة لجوعنا نحن القراء‪ ،‬الجوع لنوع خاص من‬               ‫تفصح بمفردة الحب؛ لكنها تهيِّئ سماء ال َق ِّص‬
    ‫الحياة‪ ،‬تلك التي تنمو على حافة الصور الملونة‪،‬‬         ‫وطقسه‪ ،‬فتدفع باللغة مفردات وتراكيب وطاقة‬
                                                         ‫عشق حزين داخلي‪ ،‬تقول‪« :‬أبصر نو ًرا غريبًا لا‬
‫حياة لا يرسم الحرمان فيها خ ًّطا حزينًا على العيون‬        ‫يشبه نور الشمس التي تدخل غرفتهم الطينية؛‬
‫ويغادر‪ ،‬الحرمان من الطعام الجيد»‪( .‬ص‪)36 ،35‬‬            ‫فتزعجهم‪ ،‬وتسمح للحشرات بالمرور‪ ،‬كان الضياء‬
‫في َن ِّص «طعام سيئ» تختار الكاتبة ‪-‬لِ ُبنية السرد‪-‬‬
                                                            ‫هنا دافئًا منع ًشا‪ ،‬ومكسو ًرا بالأخضر الزاهي‬
    ‫طريقة الحكي عن طريق الحلقات‪ ،‬الحلقات التي‬             ‫الذي يلوح قرب النافذة»‪( .‬ص‪ ،)14‬وعي البطل‬
‫تسلِّم إحداها إلى الأخرى دون رابط حقيقي ظاهري‪،‬‬           ‫بالانكسار الطبقي أضفى اختيار خاص لمفردات‬
                                                      ‫تكوين الجمل المعبرة عن الحب الذي باغته كصفعة‪.‬‬
      ‫فضول العجوز نحوها‪ ،‬واستياء الساردة من‬                ‫ما انتقده محمد السبع‪ ،‬واستنكره في أن يرهن‬
                                                          ‫إنسان سعادته على آ َخر‪ ،‬صار يسائل أمه حين‬
                                                       ‫كابده ذلك الشعور‪« :‬أمي هل انكسار النفس مؤلم‬
                                                      ‫ج ًّدا يا أمي؟!» ُيشعر هذا الانزياح اللغوي بالإشارة‬

                                                            ‫البعيدة دون تصريح بواقعة العشق بدلالتين‬
                                                           ‫مندغمتين؛ أحدهما أن البطل يشعر بالانكسار‬
                                                      ‫للفارق الطبقي الهائل؛ فتأبى كرامته‪ ،‬كما أنه أصيب‬
                                                           ‫في قوته وبطولته‪ ،‬أصابه العشق غير المتكافئ‬
                                                       ‫بالانكسار‪ .‬فالحب أي ًضا استلاب يجابهه الإنسان‪.‬‬

                                                               ‫تن ُّوع تقنيات السرد‬

                                                          ‫تتنوع تقنيات السرد بالمجموعة‪ ،‬فتوظف القاصة‬
   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106