Page 104 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 104

‫العـدد ‪34‬‬           ‫‪102‬‬

                                                   ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬  ‫د‪.‬محمد سليم شوشة‬

                ‫«دفاتر عائلية»‪..‬‬
‫لمحات من آلام الإنسان العراقي‬

    ‫لما تسيمه القصة ‪-‬بعد ذلك في النهاية‪ -‬بخيبات‬       ‫المجموعة القصصية «دفاتر عائلية» للكاتبة‬
       ‫الجماعات‪ ،‬قاصدة خيبة التكوين الاجتماعي‬
                                                   ‫والأكاديمية العراقية إشراق سامي الصادرة مؤخ ًرا‬
    ‫والثقافي وهزائم الأمة‪ .‬في نوع من التقوقع على‬         ‫عن دار ميريت ‪2021‬؛ مجموعة ثرية وحافلة‬
   ‫الذات والهروب نحو الداخل‪ ،‬وهذا ما تشير إليه‬
                                                   ‫بحالات إنسانية كثيرة مهمة وكثيفة ولها قدر كبير‬
                            ‫القصة بشكل رمزي‪.‬‬           ‫من الخصوصية‪ ،‬فهي تقارب حالات عديدة من‬
   ‫تقارب مشاكل التغذية وتربط بينها ‪-‬وفق نسق‬
    ‫تعبيري طريف‪ -‬وبين الكتابة‪ ،‬وكيف يمكن أن‬        ‫الألم والمعاناة والتهشم الإنساني تحت وطأة عوامل‬
 ‫تفسد الأطعمة الفاسدة الجسد أو تهدمه على المدى‬       ‫كثيرة مثل التغيرات الاجتماعية والطبقية والمهجر‬
    ‫البعيد بمثل ما تفعل أنواع من الكتابة الفاسدة‪.‬‬       ‫والقيود المفروضة على العقل والروح العربيين‬
                                                        ‫بأشكال السلطة المختلفة‪ ،‬تط ّوف مع الأساطير‬
      ‫تقارب لحظات القوة والفورة عند الذات التي‬       ‫والأحلام وتقارب الأوجاع الناتجة عما هو يومي‬
    ‫تنتصر ولحظات انكسارها وسقوطها في حرب‬            ‫من التفاصيل الصغيرة مثل أعباء العمل أو التربية‬
    ‫نفسية تمارسها الطبقات أو الفجوات ومحاسبة‬           ‫أو إشكالات الجسد أو الزينة أو مشاكل الحياة‬
  ‫الفرد وفق أشكال عديدة من الحساب‪ ،‬بأن يكون‬
   ‫في سياق بطل ومحارب ومدافع عن الوطن‪ ،‬وفي‬         ‫الثقافية ومشاكل الجوائز الأدبية وتوجيهها أو عدم‬
   ‫حالات أخرى يحاسب على وضعه الاجتماعي أو‬             ‫حيادها‪ ،‬وغيرها الكثير من الحالات العميقة التي‬
                                                                                          ‫تقاربها‪.‬‬
                             ‫المادي والاقتصادي‪.‬‬      ‫في القصة الأولى (أنا شجرة) تقار ًبا لحالة طريفة‬
  ‫من النقاط البارزة في جماليات سردها القصصي‬              ‫وجميلة من الرغبة في الهروب والانفلات من‬
‫اعتناؤها بالتفاصيل اليومية والحياتية مثل الأطعمة‬     ‫الانهزام الجماعي إلى حالة من الذاتية أو الفردية‪،‬‬
                                                    ‫يبدو أنها هيمنة للخيبة أو هيمنة للسقوط والقيود‬
     ‫والملابس والمفروشات وألوان الزهور والمنازل‬         ‫التي تحكمت في الذات وجعلتها خاضعة تما ًما‬
‫والبيوت‪ ،‬بكل تفاصيلها‪ ،‬المواعيد والطقوس الحياتية‬
   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109