Page 161 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 161

‫حول العالم ‪1 5 9‬‬

            ‫مجالات المعرفة‪.‬‬          ‫أسس الفكر الذي أتولى‬            ‫وإسلامي‪ ،‬ثم تراث عالمي‬
  ‫يرتبط أي ًضا السؤال الكبير‬    ‫مسؤوليته‪ ،‬وعلى الأقل بدايته‬            ‫يعتبر ما يسمى بالغرب‬

       ‫بمجتمعي‪ ،‬أي علاقتنا‬       ‫ونهايته التي يجب أن أدقق‬          ‫أهم عنصر فيه‪ .‬حسنًا‪ ،‬هذه‬
‫الأخلاقية بالبناء (الاجتماعي‬    ‫حدودها‪ .‬وبالتالي (هذا مثال‬             ‫ملاحظة واضحة‪ .‬سواء‬
 ‫والاقتصادي والثقافي) الذي‬                                              ‫أحببت ذلك أم لا‪ ،‬فإن‬
                                   ‫من بين أمثلة أخرى)‪ ،‬إذا‬           ‫هذا التراث الثلاثي يشكل‬
   ‫يجود به مثل هذا المجتمع‬       ‫كنت مؤر ًخا ناق ًدا‪ ،‬أرى بأن‬
 ‫للتحليل والتحول‪ .‬الأخلاق‪،‬‬                                           ‫وجودي‪ ،‬ويؤسس قدرتي‬
                                   ‫المغرب ‪-‬باعتباره مفهو ًما‬            ‫على التفكير‪ .‬على سبيل‬
    ‫يجب القول‪ ،‬الأخلاق من‬        ‫تاريخيًّا‪ -‬عبارة عن تشكيل‬
    ‫التسامح‪ ،‬بصفة خاصة‪.‬‬                                            ‫المثال‪ ،‬إذا كنت باحثًا تقليد ًّيا‬
  ‫تسامح؟ يمكننا قياس قوة‬           ‫شاسع‪ ،‬التصنيف الطبقي‬                ‫أو لاهوتيًّا‪ ،‬فسوف أبدأ‬
‫المجتمع من خلال قدرته على‬       ‫لهوية متعددة‪ ،‬التي تغرق في‬            ‫وأختتم علم اللاهوت‪ ،‬في‬
  ‫النقد الذاتي‪ ،‬وبالتالي قبول‬    ‫زمن سحيق والتي تضعني‬
   ‫الأفراد والجماعات‪ ،‬الذين‬                                        ‫دائرة حيث يلزمني‪ ،‬كمؤمن‬
‫يجعلون هذه الوظيفة النقدية‬            ‫اليوم‪ ،‬بعد سلسلة من‬           ‫أن أكرر‪ ،‬أن أضيف تعلي ًقا‪،‬‬
  ‫والنقد‪ -‬ذاتية هي مهمتهم‪.‬‬       ‫التحولات‪ ،‬في مسألة المغرب‬
‫وبما أن جميع المجتمعات غير‬        ‫الحالي‪ ،‬غير مفهومة بشكل‬               ‫وأن أقوم بتفسير هذه‬
 ‫متسامحة إلى حد ما مع هذا‬       ‫أقل دون تحليل العولمة الذي‬          ‫الإشكالية أو تلك في غايتها‬
 ‫الحظر أو ذاك‪ ،‬فهي تفرض‬           ‫يعبره من كلا الجانبين‪ .‬أنا‬
 ‫رقابة إلى حد ما على شخص‬         ‫هنا خارج هوية منغلقة على‬             ‫الإلهية‪ .‬إذا كنت صوفيًّا‪،‬‬
   ‫آخر‪ ،‬يتم وضع هذا الفرد‬        ‫نفسها‪ ،‬من الذات إلى الذات‪.‬‬         ‫فإن فنائي كموضوع ُينظر‬
    ‫أو هذه المجموعة الحرجة‬                                           ‫إليه على أنه انحلال لحبي‬
   ‫في مطلب مزدوج‪ ،‬صرامة‬              ‫ثم يبدأ الاختبار المتعلق‬        ‫لله‪ .‬لكن في هذه الحالة‪ ،‬لا‬
     ‫مزدوجة‪ :‬المجتمع الذي‬          ‫بالفكر‪ ،‬حيث أضع مفهوم‬             ‫أقوم بعمل نقدي‪ .‬أنا أقوم‬
    ‫هم جزء منه وذاك الفكر‬                                           ‫بالتكرار‪ ،‬وبالدوران‪ ،‬وكما‬
                                      ‫التاريخ‪ ،‬خارج أي علم‬         ‫يقول القرآن‪ ،‬في دورة الموت‬
                   ‫وحريته‪.‬‬          ‫للآخرة‪ ،‬وخارج أي غاية‬           ‫المزدوج والحياة المزدوجة‪.‬‬
     ‫تناقض لا يمكن التغلب‬       ‫ثيولوجية؛ هناك‪ ،‬أجد نفسي‬           ‫الآن‪ ،‬إذا انخرطت في حقيقة‬
    ‫عليه؟ نعم ولا‪ .‬نعم‪ ،‬على‬     ‫مضط ًّرا إلى فهم بداية الحرية‬
      ‫اعتبار أن النقد ‪-‬عندما‬        ‫والنقد‪ .‬النقد الذي يكون‬              ‫المعرفة‪ ،‬وحقيقة العلم‬
  ‫يفكر في الواقع‪ -‬لا يخضع‬       ‫دائ ًما إيجابيًّا وسلبيًّا في نفس‬    ‫واستقلاليته عن اللاهوت‪،‬‬
     ‫إلا لعنصره اللامتناهي‪.‬‬     ‫الوقت؛ تأسيسيًّا‬                     ‫فأنا في نفس الوقت أواجه‬
   ‫برفعها لبعض محظوراتها‬         ‫وغير تأسيسي‪.‬‬
   ‫الداخلية‪ ،‬فإنها تنغمس في‬     ‫إنه يشكل منطقه‬
  ‫تجربة لا ترى نهايتها أب ًدا‪.‬‬    ‫من خلال إلغاء‬
‫بالقيام بذلك‪ ،‬فإنها غير قابلة‬      ‫التأسيس‪ ،‬من‬
   ‫للاختزال بموجب القانون‬           ‫خلال تجاوز‬
                                  ‫القصور الذاتي‬
                 ‫المجتمعي‪.‬‬
   ‫لا‪ ،‬بقدر ما يسمح المجتمع‬           ‫لما يسبقه‪.‬‬
   ‫(يتسامح)‪ ،‬يسمح لنفسه‬          ‫أخذت هذا المثال‬
                                 ‫للتاريخ‪ ،‬بيد أن‬
      ‫ويتسامح مع وظيفتي‬
                                   ‫مسألة البداية‬
                                    ‫والنهاية هذه‬
                                   ‫ترتبط بجميع‬
   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166