Page 166 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 166
العـدد 34 164
أكتوبر ٢٠٢1 والدينية ،بفضل الإيمان
بقدرة العقل البشري على
لثورة»(.)8 ويستهل بول هازار كتابه التطور والتغير والتقدم نحو
وقبل أن تبدأ لحظة التنوير «أزمة الوعي الأوروبي الأفضل في السيطرة على
في أوروبا كانت قد أُجهضت الطبيعة والتحرر والشجاعة
في بلاد المسلمين منذ قرون، »1715 -1680بعبارة دالة في مواجهة التحديات التي
حين ُهزم الفكر المعتزلي الذي تبين كيف انتقل المجمتمع
ُيعلي من دور العقل ،ويعول الأوروبي من حال إلى حال تعترض طريقه.
عليه ،وانتهى الصراع بين بفعل التنوير ،حيث يقول: وفض ًل عن إطلاق حرية
التعبير وإبداء الرأي حول
المعتزلة والأشاعرة وأهل «ما هذا التباين! ما هذا الدين ،ورفض «الحق الإلهي
الأثر إلى انتصار الطرف العبور المفاجئ! كان الناس للملوك» ارتبطت حركة
الأخير ،بتشجيع من السلطة التنوير بانتشار المعرفة
السياسية ،وصمت من في القرن السابع عشر العلمية ،ومثلما طرحت
المجتمع أو تواطؤ أو استسلام يحبون التراتبية والانضباط البروتستانتية في المجال
أو مجاراة ،خاصة أن المعتزلة والنظام ،الذي تتعهد السلطة الديني فكرة أن كل شخص
لم يتحولوا إلى مسار شعبي بتأمينه والعقائد التي تنظم ينبغي أن يتصرف حسب
مثل أصحاب الأثر ،الذين تقديره هو ،فكذلك أصبح
زعموا أنهم يمثلون «أهل الحياة بثبات .وكان من من واجب الناس ،في المجال
السنة والجماعة» دون غيرهم، خلفهم مباشرة في القرن
وأقنعوا الناس بهذا عبر كل الثامن عشر أناس يرفضون العلمي ،أن يتطلعوا إلى
الآليات التي توفرت لديهم. الإكراه والسلطة والعقائد. الطبيعة بأنفسهم ،بعي ًدا
وحين جاء فلاسفة متعاقبين الأولون مسيحيون والآخرون عن وصاية بعض أصحاب
على رأسهم ابن رشد وأرادوا النظريات عليهم .كما ارتبطت
إطلاق لحظة تنوير جديدة مناهضون للمسيحية. حركة التنوير بإحياء الروح
حوربوا بقسوة ،وبنيت الأولون يؤمنون بالحق الإلهي القومية والوطنية وترتيب
جدران سميكة بين أفكارهم العلاقة بين السلطة والشعب
والآخرون يؤمنون بالحق عبر «العقد الاجتماعي»(.)7
وبين عموم الناس. الطبيعي ،يعيش الأولون
بطمأنينة في مجتمع يقسم
ثان ًيا :لماذا نحن في إلى طبقات غير متساوية ،ولا
حاجة إلى التنوير؟ يحلم الآخرون إلا بالمساواة.
بالطبع يماحك الأولاد آباءهم
وقع المسلمون المعاصرون بطيبة خاطر وهم يتصورون
في ثلاث مشكلات أو أوهام أنهم سيصلحون عالمًا لم يكن
ينتظر غيرهم كي
حيال التنوير ،كاصطلاح يصبح أفضل ،غير
ومسار بات ضرور ًّيا ،بما أن الاضطرابات
أعاق ولادته ،أو جعلها ولادة التي تثير الأجيال
مبتسرة في بعض الأحيان ،ألا المتعاقبة لا تكفي
لتفسر تغي ًرا سري ًعا
وهي: وحاس ًما بهذا المقدار.
-1مزاعم أن التنوير ابن ومعظم الفرنسيين
كانوا يفكرون مثل
بيئة اجتماعية وسياق بوسوييه ،وفجأة
تاريخي مغاير ،وبالتالي هو أصبحوا يفكرون
مثل فولتير :إنها