Page 167 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 167

‫‪165‬‬               ‫الملف الثقـافي‬

‫محمد عثمان الخشت‬  ‫تزفيتان تودوروف‬  ‫بول هازار‬                         ‫بضاعة غيرنا ولا تلزمنا‪ ،‬لأن‬
                                                                     ‫استيرادها واستهلاكها مضر‬
   ‫فادحة لنا‪ ،‬أنهم متمسكون‬         ‫العصر الجديد ‪-‬وأعني القيم‬         ‫بنا ضر ًرا بال ًغا‪ ،‬ومن ثم فإن‬
   ‫بالثوابت‪ ،‬وأن ما هم عليه‬       ‫المحمودة الشريفة‪ -‬قد وردت‬         ‫الضروري تجاهلها‪ ،‬والأفضل‬
  ‫هو الصواب لأنه صلاحيته‬                                             ‫هو التشكيك فيها ودحضها‪.‬‬
  ‫مطلقة‪ ،‬وإن تبدلت الأحوال‬             ‫كلها في تراثنا‪ ،‬وليس بنا‬
                                   ‫حاجة إلى لغو المحدثين‪ ،‬فإن‬              ‫وقد روج هؤلاء كثي ًرا‬
      ‫وتغيرت الأجيال‪ ،‬وهنا‬        ‫قال المحدثون حرية ومساواة‬           ‫لمقولة فاسدة جعلت كثيرين‬
  ‫يتساءل زكي نجيب محمود‬                                               ‫يحسبون أن التنوير نقيض‬
 ‫أي ًضا‪ :‬هل هنالك تناقض بين‬             ‫وعلم وعدل أجبناهم في‬
   ‫قبولنا لتلك المعايير الثابتة‬   ‫انفعال‪ :‬صح نومكم يا هؤلاء‪،‬‬                           ‫للإيمان‪.‬‬
  ‫المطلقة من جهة‪ ،‬وقولنا من‬                                            ‫‪ -2‬مزاعم أن خروجنا من‬
   ‫جهة أخرى إن الحق يتغير‬            ‫لقد سبقناكم بكذا قر ًنا من‬        ‫مأزقنا ليس بالتنوير‪ ،‬الذي‬
‫بتغير الموقف الذي يصادفنا‪،‬‬          ‫الزمان إلى الحرية والمساواة‬
 ‫والمشكلة التي نعالجها؟ وفي‬          ‫والعلم والعدل وغيرها من‬              ‫يعني في مقصده التقدم‬
  ‫الإجابة يضرب مث ًل بسائر‬          ‫القيم الرفيعة‪ ،‬ويفوتنا دائ ًما‬      ‫إلى الأمام في التاريخ‪ ،‬إنما‬
                                   ‫أن نتروى حتى نستوثق من‬           ‫بالعودة إلى الماضي‪ ،‬من خلال‬
     ‫هدفه الكلي أن يصل إلى‬                                             ‫استلهام تجربته‪ ،‬والتمسك‬
 ‫شاطئ البحر‪ ،‬لكن تعترضه‬               ‫أن كؤوس هذه الألفاظ ما‬        ‫بمقولات وتصرفات ما عاشوا‬
                                    ‫زالت تحمل شرابها القديم‪،‬‬        ‫فيه‪ ،‬باعتبارهم «الجيل الفريد»‬
    ‫عقبات جزئية في الطريق‬         ‫ولم تستبدل به شرا ًبا جدي ًدا‪،‬‬        ‫الذي تأسس الإسلام على‬
 ‫وعليه أن يحلها وهو يسعى‬           ‫به وحده تسري في أجسادنا‬          ‫أكتافه‪ ،‬وفهم معانيه ومراميه‪،‬‬
‫إلى هدفه‪ ،‬ويقول‪« :‬هكذا الأمر‬      ‫روح العصر‪ ،‬وبغيره نتخلف‪،‬‬
                                                                              ‫وعمل على نصرته‪.‬‬
    ‫بالنسبة إلى قيمنا الخالدة‬         ‫لنعيش مع الأقدمين لف ًظا‬          ‫وكلما طرح أحد تصورات‬
     ‫الثابتة من جهة‪ ،‬وقيمنا‬       ‫ومعنًى‪ ،‬وشك ًل ومضمو ًنا»(‪.)9‬‬          ‫جديدة واجبة التطبيق في‬
    ‫النسبية المتغيرة من جهة‬                                          ‫واقعنا المعيش‪ ،‬بعد أن جربها‬
                                    ‫ويزعم أصحاب هذا الموقف‬              ‫غيرنا وأفلحت في إخراجه‬
                                  ‫الملتوي‪ ،‬والذي يسبب خسارة‬          ‫من التخلف إلى التقدم‪ ،‬يزعم‬
                                                                      ‫أصحاب هذا الاتجاه أن كل‬
                                                                      ‫هذا لدينا‪ ،‬ولا حاجة لنا بما‬
                                                                       ‫لدى الآخرين‪ .‬ويعبر زكي‬
                                                                     ‫نجيب محمود عن هذا أفضل‬
                                                                        ‫تعبير حين يقول‪« :‬أنا على‬
                                                                    ‫علم بمدى التحفز الذي يتحفز‬
                                                                      ‫به كثيرون‪ ،‬دفا ًعا عن تراثنا‬
                                                                        ‫الفكري‪ ،‬ظنًّا منهم أن هذا‬
                                                                        ‫الدفاع لا تتم لهم قواعده‬

                                                                         ‫وأركانه إلا إذا نبشوا في‬
                                                                     ‫صحائف الأقدمين فأخرجوا‬
                                                                    ‫لف ًظا من هنا‪ ،‬ولف ًظا من هناك‪،‬‬
                                                                    ‫وجملة من هذا الكتاب وأخرى‬
                                                                      ‫من ذلك‪ ،‬ليثبتوا أن قيم هذا‬
   162   163   164   165   166   167   168   169   170   171   172