Page 169 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 169

‫ينسب التنوير إلى "نور العقل الطبيعي"‬                                   ‫زكي نجيب محمود‬
‫الذي بوسعه وحده أن يقود الإنسان إلى‬
                                                                  ‫يؤدي قط ًعا إلى عصر ديني‬
   ‫الحكمة والصواب‪ ،‬ويخرجه من مرحلة‬                                 ‫جديد‪ ،‬إنما سيطلي العصر‬
  ‫القصور العقلي إلى سن الرشد‪ ،‬حسبما‬                             ‫القديم بطلاءات فاقعة الألوان‪،‬‬
   ‫يقول كانط‪ ،‬الذي كان يصرخ‪" :‬اعملوا‬                             ‫يتخيلها الجاهلون والغافلون‬
   ‫عقولكم أيها البشر! لتكن لكم الجرأة‬
‫على استخدام عقولكم! فلا تتواكلوا بعد‬                                            ‫بنا ًء جدي ًدا‪.‬‬
    ‫اليوم ولا تستسلموا للكسل والمقدور‬                             ‫إن المطلوب الآن وهنا‪ ،‬وبلا‬
 ‫والمكتوب‪ .‬تحركوا وانشطوا وانخرطوا‬
                                                                     ‫تردد‪ ،‬هو التنوير الديني‬
         ‫في الحياة بشكل إيجابي متبصر"‬                                ‫بغية تحقيق أهداف كلها‬
                                                                  ‫نبيلة‪ ،‬وتروم مصلحة الدين‬
 ‫والدرس وتغيَّا الحقيقة‪ .‬وقد‬          ‫السيئة التي لوثت واقعه‬        ‫والمتدينين وسائر الناس‪.‬‬
 ‫سادت هذه الصورة السلبية‬            ‫وصورته‪ ،‬ولم تفلح بعض‬
  ‫في كثير من مناهج الدراسة‬                                               ‫وهذه الأهداف هي‪:‬‬
 ‫في الغرب وفيما أطلقه مؤلفو‬             ‫مراجعاتهم أو توظيف‬         ‫‪ -1‬إنقاذ صورة الإسلام‪،‬‬
‫الموسوعات والكتب الأكاديمية‬        ‫المؤسسات الدينية التقليدية‬       ‫التي تضررت كثي ًرا ج َّراء‬
  ‫والمدرسية في الدول الغربية‬      ‫في مواجهتهم في تنقية الدين‬      ‫أقوال وتصرفات المتطرفين‬
  ‫على القرآن الكريم والإسلام‬       ‫وتصفيته من هذه الشوائب‬         ‫الذين يستعملون هذا الدين‬
  ‫والنبي محمد صلى الله عليه‬      ‫المسمومة‪ ،‬حيث إن هذا الجهد‬         ‫في تبرير القتل والتدمير‪،‬‬
 ‫وسلم والعرب والمسلمين من‬                                          ‫منطلقين من أن الأصل في‬
                                     ‫لم يحدث «قطيعة معرفية‬         ‫العلاقة مع الآخرين سواء‬
   ‫أوصاف ليست فقط بعيدة‬                ‫وأخلاقية» مع التطرف‪،‬‬      ‫كانوا مسلمين غير منتظمين‬
      ‫عن الموضوعية والأمانة‬         ‫لأنه جهد متقطع وهامشي‬          ‫في هذه الجماعات المتطرفة‬
      ‫العلمية بل أحيا ًنا كثيرة‬        ‫وسطحي ومتردد ومن‬          ‫أو غير مسلمين‪ ،‬هو الصراع‬
                                   ‫يقومون به محملون ببعض‬
   ‫بعيدة عن الشعور والذوق‬           ‫أثقال مما يحمله المتطرفون‬         ‫المفتوح‪ ،‬والمسموح فيه‬
      ‫والتهذيب الإنساني(‪،)15‬‬                                      ‫استخدام كل الخدع الممكنة‪.‬‬
                                                    ‫أنفسهم‪.‬‬      ‫وقد سكب هؤلاء في مجرى‬
 ‫والذي بلغ ذروته مع الصور‬              ‫وسيؤثر إطلاق التنوير‬       ‫الإسلام الكثير من الأشياء‬
‫الكاريكاتورية المسيئة للرسول‬       ‫لمواجهة التطرف ومحاصرة‬
                                 ‫الإرهاب إيجابيًّا على جانب من‬
     ‫الكريم‪ ،‬التي انطوت على‬        ‫صورة الإسلام والمسلمين‪،‬‬
‫تجريح كبير لمشاعر المسلمين‪،‬‬         ‫التي كانت متضررة أص ًل‬
                                   ‫بفعل الخطاب الاستشراقي‬
  ‫لأنها خاطبتهم بطريقة فجة‬            ‫الانطباعي والاستعماري‬
     ‫واستعلائية واستهجانية‬              ‫والمغرض‪ ،‬وليس ذلك‬
         ‫ومقززة وعنصرية‪.‬‬         ‫الخطاب الذي استهدف البحث‬
    ‫‪ -2‬إنقاذ المسلمين‪ ،‬الذين‬
   ‫يدفعون أثما ًنا باهظة ليس‬
   164   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174