Page 157 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 157

‫حول العالم ‪1 5 5‬‬

     ‫ومن أين أتى‪ .‬في روايتها‬                ‫عايدة إدماريام‬             ‫الذي ش َّكله الجميع‪ .‬رواية مينا‬
     ‫الأخيرة «عندما ضربتك»‬                                              ‫كانداسامي القصيرة المبتكرة‬
      ‫اعتمدت على خبرتها من‬         ‫تحت سقف الرأسمالية‪ .‬أجلس‬                ‫تلعب على هذه التقنية‪ .‬كل‬
 ‫زواجها المؤذي‪ ،‬لكنها غضبت‬         ‫هنا ألعب مع الشكل والتنسيق‬           ‫صفحة منقسمة إلى عمودين‪.‬‬
‫من النقاد الذين أطلقوا على تلك‬                                           ‫إلى اليمين قصة تكشف عن‬
‫الرواية «مذكرات»‪ ،‬لذا حاولت‬                        ‫والخطوط»‪.‬‬           ‫زوجين من لندن‪« :‬مايا» الفتاة‬
   ‫أن «تكون القصة جز ًءا من‬           ‫إنها تتوق إلى الخيال كملاذ‬         ‫الإنجليزية و»كريم» المخرج‬
‫حياتي بقدر ما أستطيع»‪ ،‬غير‬                                               ‫التونسي‪ .‬وإلى اليسار تعلق‬
  ‫أن كل تأثير «يكون مذكو ًرا‬             ‫ممكن‪ ،‬لكنها تقر بحاجة‬             ‫كانداسامي على معالجتها‬
                                        ‫الشاهد على تلك الأحداث‬         ‫الإبداعية‪ ،‬على حياتها الخاصة‬
                   ‫وموث ًقا»‪.‬‬          ‫لتحمل عبء الواقع‪« .‬جثث‬                 ‫مع الكثير من الوثائق‬
     ‫السرد عندها لا يبدو أنه‬       ‫أنيقة» تفعل الأمرين‪ :‬من ناحية‬          ‫السياسية عن الأهوال التي‬
  ‫جزء منها‪ .‬في الحقيقة «مايا»‬           ‫تمثل قصتها المحلية حالة‬          ‫تحدث في بلدتها الأصلية في‬
   ‫و»كريم» مازالا هذا الثنائي‬         ‫هروب بينما تمثل تعليقاتها‬                             ‫الهند‪.‬‬
   ‫اللندني المتعلم المحب للفن‪.‬‬      ‫الممتلئة بالثورة عم ًل توعو ًّيا‪.‬‬      ‫«مايا» و»كريم» يشاهدان‬
    ‫صحيح أن «كريم» مخرج‬                ‫تسرد كانداسامي حكايات‬           ‫الأفلام‪ ،‬يتشاجران ويناقشان‬
   ‫لكن كانداسامي أظهرت أنه‬           ‫اغتصاب الفتيات الصغيرات‬              ‫آباءهما المروعين‪ .‬في الجزء‬
     ‫من المتوقع منه أن يحكي‬             ‫بدقة‪ .‬أحصت العديد من‬              ‫الخاص بهما تقترب الكاتبة‬
   ‫قص ًصا بعينها كما لو كان‬         ‫أشكال المعارضة التي بسببها‬             ‫من علاقتهما بشكل وثيق‬
‫روائيًّا مهاج ًرا‪ُ .‬تقر كانداساني‬                                       ‫يكشف عن كل هنة من هنات‬
 ‫بحاجتها لأن تعطي شخصية‬                    ‫يغتال الناس في الهند‪.‬‬            ‫تلك العلاقة‪ .‬كانداسامي‬
‫«مايا» من روحها‪ .‬حينما تقوم‬             ‫في نهاية الرواية وبهدوء‬           ‫شاعرة أي ًضا ويتضح ذلك‬
    ‫‪-‬هذه الأم الشابة‪ -‬بجعل‬           ‫يصير الجزآن وحدة واحدة‪.‬‬             ‫في لغتها المكثفة الذكية‪ .‬لكن‬
 ‫شخصيتها تحبل «لا أستطيع‬                 ‫يعود «كريم» إلى تونس‬               ‫بالرغم من أنهما يمتلكان‬
   ‫جعلها أنا‪ ،‬ثم مرة أخرى لا‬        ‫لمساعدة أخيه الذي تم اعتقاله‬         ‫نصف الرواية‪ ،‬مائة صفحة‪،‬‬
   ‫أستطيع أن أنتمي لها لو لم‬            ‫عن طريق الخطأ‪ .‬وتشعر‬           ‫فإنهما يظ َّل مراوغين‪ .‬اكتسب‬
  ‫أتشارك معها في أي شيء»‪.‬‬            ‫«مايا» بواجب الانضمام إليه‬           ‫الحكي عنهما وز ًنا إضافيًّا‬
  ‫لا يعني هذا أن «جثث أنيقة»‬            ‫متجاوزة الحدود الضيقة‬              ‫عبر التعليقات التي وثقت‬
  ‫تجربة فاشلة‪ ،‬بل هي تجربة‬            ‫للعلاقة والوطن‪ .‬هذا الجزء‬
 ‫ساحرة وسنكون شهو ًدا على‬          ‫بسيط للغاية‪ .‬توقفت ملاحظات‬          ‫كانداسامي من خلالها نضالها‬
  ‫عمل الكاتب وهو يخرج على‬             ‫كانداسامي كما لو كانت قد‬           ‫ورؤيتها للأحداث السياسية‬
‫الورقة‪ .‬هذه المهارة في الكولاج‬      ‫قررت أن على حلولها الخيالية‬             ‫عن بعد‪ ،‬رؤية أصدقائها‬
 ‫الذي صنعته كانداسامي هي‬                ‫مواجهة الظلم السياسي‪.‬‬                     ‫ُيقتلون و ُيعتقلون‪.‬‬
   ‫التي سمحت لها أن تفصل‬            ‫تفسر كانداسامي في مقدمتها‬            ‫نشأت الكاتبة في تاميل نادو‬
‫بين السرد الروائي والذكريات‬        ‫كيف أنشأت هذا البناء المزدوج‬            ‫وأصبحت ناشطة يسارية‬
     ‫بهذه الصراحة بينما هما‬                                                ‫لكنها تعيش الآن في لندن‪.‬‬
                                                                              ‫يتمثل قلق كانداسامي‬
         ‫مجدولان في حميمة‬                                                      ‫في غيابها عن المعركة‬
                    ‫‪----‬‬                                                    ‫وهذا القصور في الخيال‪:‬‬
                                                                           ‫«انشغالي وهمي الحقيقي‬
 ‫استنا ًدا إلى مقال الكاتبة هولي‬                                        ‫هم الم ُضطهدون والمُستغلون‪،‬‬
 ‫وليامز في صحيفة الجارديان‬                                                ‫وحتى الآن أمارس إبداعي‬

                 ‫البريطانية‪.‬‬
   152   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162