Page 154 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 154

‫العـدد ‪34‬‬                            ‫‪152‬‬

                                ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬                     ‫ثم تخبز‪ .‬وكم كانت لذيذة‪،‬‬
                                                                 ‫وكنا نحن الأطفال نسرق‬
   ‫صوت هدير من الحوافر‪،‬‬          ‫غرفة والد َّي‪ .‬مما اضطرني‬        ‫منها ما استطعنا‪ ،‬وكذلك‬
    ‫وتقدم نحوي ثور أسود‬         ‫إلى دفع هذا الحيوان الضخم‬
    ‫كبير له قرنان على شكل‬                                          ‫يفعل الخدم‪ ،‬أما الكلاب‬
‫منجلين‪ ،‬وكان بالتأكيد ينوي‬        ‫خارج غرفتي‪ .‬وقال والدي‬      ‫فكانت تنتظر في المطبخ حتى‬
  ‫تجديد صداقة قديمة بيننا‪.‬‬         ‫كلمته‪ .‬قال «هذا يكفي‪ ،‬لا‬    ‫يبرد الخبيز ويأتي العجلان‬
 ‫لكني ركضت إلى أقرب بيت‬             ‫يمكن أن نترك قطي ًعا من‬   ‫ليأخذا نصيبهما‪ .‬وكان علينا‬
 ‫نمل‪ ،‬ومن حسن حظي كان‬              ‫الماشية تجول في منزلنا»‪.‬‬
‫مرتف ًعا وقفزت فوقه‪ .‬ووقف‬         ‫«ولكنه مجرد‪ »..‬كانت أمي‬        ‫صنع المزيد من بسكويت‬
 ‫الثور ينظر إلى الأعلى ولكني‬                                      ‫الكلاب المقرمش والمالح‪،‬‬
                                ‫على وشك أن تقول إنه مجرد‬         ‫وكان العجلان يأكلان كل‬
           ‫كنت قد اختفيت‪.‬‬                            ‫عجل‪.‬‬
   ‫هذان القرنان كانا كتلتين‬                                             ‫فتفوتة تقدم لهما‪.‬‬
 ‫صغيرتين من الشعر عندما‬                      ‫ولكنه لم يكن‪.‬‬           ‫وسوف تشاهد عج ًل‬
   ‫قمت يو ًما بدعكهما‪ ،‬بينما‬      ‫وهكذا انضم الثور الأسود‬       ‫وكلبًا يحاولان أن يتخاطفا‬
‫كان العجل يخفض رأسه لي‪.‬‬                                          ‫البسكوتة‪ ،‬ومن الممكن أن‬
‫قرناه اللذان كانا مثل البراعم‬        ‫الصغير نو ًعا ما وأخته‬   ‫يقوم عجلي الذي أصبح الآن‬
‫لم تعودا كذلك‪ .‬هل تذكر ذلك‬      ‫الجميلة ذات اللونين الأسود‬       ‫كبي ًرا نو ًعا ما بدفع الكلب‬
‫بينما كان ينطح حوله بقرنيه‬       ‫والأبيض إلى القطيع‪ .‬ويبدو‬            ‫بعي ًدا عن البسكوتة‪.‬‬
  ‫القاتلين وهو خائر قبل أن‬                                         ‫يقول والدي «عليهما أن‬
                                      ‫أن القطيع لم يمانع في‬       ‫يعودا إلى القطيع»‪ ،‬لكننا‬
           ‫يبتعد عن المكان؟‬        ‫وجودهما‪ .‬ولكن العجلين‬        ‫كنا نؤجل ذلك‪ ،‬أو أنا التي‬
  ‫عجلي «ديمي» المسكين كان‬         ‫لم يحسنا صن ًعا‪ .‬فعجلي لم‬   ‫كنت أؤجل ذلك‪ .‬كنت مغرمة‬
                                 ‫يكن ثو ًرا صغي ًرا‪ :‬فخصيتاه‬       ‫بعجلي الضخم المتسلط‪،‬‬
     ‫مخلو ًقا لا فائدة منه‪ ،‬لا‬     ‫لم تكونا على ما يرام‪ ،‬ولا‬
  ‫يستطيع أن يحرث أو يجر‬           ‫يمكنه قطع مسافات طويلة‬                         ‫والعنيد‪.‬‬
   ‫عربة نقل زراعية أو حتى‬                                      ‫اعتدت أن أنام وباب غرفتي‬
                                      ‫أو الحرث‪ .‬ولعله تذكر‬     ‫مفتوح بقطعة حجر‪ ،‬وكانت‬
    ‫عربة كارو‪ .‬ولا يستطيع‬           ‫أنه عاش في مكان مرتفع‬
    ‫أن ينجب‪ .‬عندما كنت في‬           ‫تهب فيه الرياح بد ًل من‬      ‫الكلاب تدخل‪ ،‬كما دخلت‬
  ‫المدرسة‪ ،‬أقاموا عليه وليمة‬      ‫هذه الشجيرات حيث شدة‬         ‫أفعى أكثر من مرة‪ .‬فلم أكن‬
 ‫للعاملين‪ .‬لكنني تحفظت عن‬           ‫الحرارة فيها تلدغ كأنها‬
 ‫السؤال‪ .‬كنت أجوب المنطقة‬       ‫عقرب‪ .‬ولا الكلاب التي كانت‬      ‫أحتمل غلق هذا الباب‪ ،‬لأن‬
  ‫ويهيأ لي أنني أسمع هدي ًرا‬      ‫تتبعه وتلعق أذنيه وتنفض‬     ‫سريري يطل عبر الشجيرات‬
    ‫من الحوافر وأتخيل هذا‬
   ‫الحيوان العاطفي الطائش‬             ‫عنه القرادات‪ .‬ولا تلك‬         ‫على حدود الجبال التي‬
     ‫الضخم وهو يحاول أن‬            ‫المداعبات والمتع الصغيرة‪.‬‬    ‫يتحول لونها إلى مزيج من‬
                                  ‫ولن يصبح ثوري مثل أي‬        ‫الأزرق والوردي والبنفسجي‬
                   ‫ينطحني‬          ‫ثور عجوز عادي قطع له‬
     ‫‪--------------‬‬               ‫باع في السير‪ ،‬لا ليس هو‪.‬‬           ‫عند شروق الشمس‪.‬‬
   ‫كاتبة بريطانية حائزة على‬                                   ‫وذات ليلة استيقظت ووجدت‬
    ‫جائزة نوبل للآداب عام‬            ‫ومن الممكن أن تلد أخته‬
                                ‫بسن صغيرة‪ ،‬وسيموت كلا‬           ‫عجلي يقف في غرفتي‪ ،‬وبدا‬
                   ‫‪.2007‬‬                                         ‫عليه أنه لم يقرر بعد ماذا‬
                                                  ‫العجلين‪.‬‬        ‫سيفعل‪ .‬كان بيننا سرير‬
                                ‫وهكذا لن ينحجا في حياتهما‪.‬‬       ‫فارغ‪ ،‬وكان على وشك أن‬
                                                                 ‫يدير لي ظهره ويتوجه إلى‬
                                      ‫عندما كنت أتمشى في‬
                                   ‫المزرعة‪ ،‬كنت أبحث دو ًما‬
                                ‫عن عجلي‪ ،‬وذات يوم سمعت‬
   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159