Page 211 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 211

‫‪209‬‬       ‫الملف الثقـافي‬

‫مونتسكيو‬  ‫فرانسوا فينيلون‬       ‫إيمانويل كانط‬                       ‫علاقات المنافسة والتعاون‬
                                                                  ‫والتقارب والتباعد والصراع‬
    ‫الاستبدادية والظلامية‪،‬‬              ‫تجسدت عبر أفكار‬
‫رغم أن «كانط» نفسه وهو‬          ‫الفيلسوف الألماني «إيمانويل‬         ‫المتشابكة والمعقدة بين تلك‬
                                                                     ‫المجتمعات أدوار تأثير في‬
    ‫يكتب وينشر هذا المقال‬         ‫كانط» (‪1804 -1742‬م)‪،‬‬               ‫نمط التنوير السائد فيها‪.‬‬
‫سنة ‪ ،1784‬ما كان يتصور‬           ‫وبالذات في مقاله التاريخي‬
                                                                        ‫يتبين الباحثون وجود‬
   ‫أنه سيشغل هذا الوضع‬             ‫من الوجهة الفلسفية “ما‬             ‫خطين قطبيين أو لونين‬
‫التاريخي والحضاري المهم‪،‬‬          ‫التنوير؟”‪ ،‬ليس بسبب ما‬            ‫حديين (أبيض وأسود) في‬
                                   ‫له من أهمية محورية في‬             ‫التنوير الأوروبي‪ ،‬ويضم‬
    ‫خصو ًصا وأنه دخل به‬           ‫صياغة مفهوم التنوير في‬           ‫هذان الطرفان على جانبيهما‬
 ‫حومة النقاش الحامي عن‬             ‫ألمانيا بالذات‪ ،‬وفي أوروبا‬       ‫طي ًفا متدر ًجا من الدرجات‬
                                 ‫بعامة‪ ،‬ولكن بسبب ما كان‬              ‫والألوان‪ :‬أولهما التنوير‬
   ‫التنوير في ألمانيا متأخ ًرا‬                                         ‫الثوري الذي يعتمد على‬
  ‫حوالي خمس سنوات على‬               ‫له من تأثير حاسم على‬              ‫التغيير الفجائي العنيف‪،‬‬
 ‫بدايته‪ ،‬وكان المقال بمثابة‬        ‫أجيال متوالية من النخب‬           ‫ونموذجه الثورة الفرنسية‬
   ‫رد على سؤال احتجاجي‬           ‫الفكرية والأدبية والفنية في‬           ‫سنة ‪1789‬م‪ ،‬وإن كان‬
                                 ‫الثقافة والمجتمع المصريين‬          ‫مفكرو التنوير الفرنسيون‬
    ‫طرحه القس «تسولنر»‬            ‫بالذات‪ ،‬والثقافة والمجتمع‬           ‫السابقون على الثورة لم‬
     ‫يتعلق بمشكلة الزواج‬         ‫العربيين على العموم‪ .‬مثّلت‬         ‫يكونوا أنفسهم ثوريين‪ ،‬إذ‬
                                  ‫قضايا التنوير كما ُطرحت‬            ‫كانوا ينتمون لطبقة نبلاء‬
                  ‫المدني‪.‬‬        ‫في مقال الفيلسوف الألماني‬        ‫عصر الإقطاع‪ ،‬لكن أفكارهم‬
  ‫كان القس البرليني يدين‬                                            ‫هي التي مهدت بانتشارها‬
 ‫الاستعمال الثوري لمفهوم‬              ‫أف ًقا عا ًّما و»خلاصيًّا»‬    ‫لقيام الثورة الفرنسية‪ .‬أما‬
                                 ‫مصر ًّيا وعربيًّا في مواجهة‬       ‫ثاني الأنماط القطبية لطيف‬
       ‫التنوير‪ ،‬وقد اعتبره‬        ‫أوضاع وعلاقات التخلف‬
  ‫استخدا ًما مثب ًطا لأنه من‬                                            ‫التنوير الأوروبي فهو‬
 ‫وجهة نظره مضاد للدين‪.‬‬               ‫الحضاري ومؤسساته‬             ‫التنوير التدريجي أو الانتقالي‬
   ‫سبق «كانط» في الإجابة‬
                                                                     ‫الذي يتبنى خ ًّطا للمواءمة‬
    ‫على السؤال الفيلسوف‬                                             ‫بين ترسيخ المباديء والمثل‬
                                                                    ‫والمؤسسات الحديثة‪ ،‬وبين‬
                                                                     ‫الأنظمة التقليدية الموروثة‬
                                                                    ‫من عصر الثقافة والمجتمع‬
                                                                   ‫الإقطاعيين‪ ،‬تمهي ًدا للانتقال‬

                                                                      ‫السلس وغير المُكلف إلى‬
                                                                     ‫أوضاع وعلاقات المجتمع‬
                                                                  ‫الصناعي الحديث القائم على‬

                                                                       ‫العقل والعلم والقانون‪.‬‬
                                                                       ‫في سياق تناول التنوير‬
                                                                      ‫الأوروبي تاريخيًّا يهمنا‬
                                                                    ‫المرور على نمط من أنماطه‬
   206   207   208   209   210   211   212   213   214   215   216