Page 207 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 207
دوافع نشأة التنوير في عالمنا العربي محمد مجدي الجزيري
لم تكن نتيجة الحروب والصراعات
فكرية ،ولعل جانبها الفكري
الدينية الدموية التي شهدتها أوروبا هو الجانب الذي يشغل بال
في القرنين السادس والسابع عشر، واهتمام المشتغلين بالفلسفة
والمهمومين باكتشاف الأطر
بل بسبب ما كانت تمر به المجتمعات
العربية من تخلف ،وهو التخلف الذي والقوالب الفكري لواقعنا
بدا بمثابة القضية المحورية لمعركتنا العربي( .المرجع السابق،
نحن العرب واهتمامنا بها ،وهي في
المقام الأول قضية سياسية واجتماعية ص.)27
من هنا يذهب الجزيري إلى
واقتصادية وعلمية وثقافية
أنه بقدر ما في فكر رواد
على طرفي نقيض ،بل وكان وراء ظهور حركة الإصلاح والتجديد في
عن الصورة التي يمكن التنوير ،ومن ناحية أخرى
أن نتوصل إليها ،رغم فكرنا العربي من ملامح
كل ما قد ُيثار أو ينشأ فإن من بين رجال الفكر تنويرية ،فإننا نتعامل معهم
بين الحين والآخر ،من الديني من ندرجهم ضمن
مواجهة بين رجال الدين باعتبارهم ر َّوا ًدا للتنوير.
ورجال التنوير والتجديد، حملة التنوير والتجديد ومن ناحية أخرى يذهب إلى
في عالمنا العربي ،ولعل أن واقعنا العربي لم يشهد
هي في مجملها تؤكد الشيخ محمد عبده من أبرز الحروب الدينية التي أدت إلى
التواصل بين الفريقين، الشخصيات التي جمعت عصر التنوير في الحضارة
بين تيار الفكر الديني من الغربية الحديثة ،لكن واقعنا
كما أن كل فريق قد ناحية وتيار التجديد من العربي يحارب معركته مع
يحاول أن يستميل الفريق ناحية أخرى ،والمبادئ
الآخر إليه ،فرجال الدين التي نادى بها -من تقدير التخلف وتحقيق التنمية
لدور العلم والمعرفة العلمية والتقدم ،وبالتالي فالصراع
يدعون أنفسهم دعاة والتقدم والحضارة -تظل بين أصحاب الفكر الديني
إصلاح وتجديد ،وهم خير دليل على النظرة وأصحاب الفكر الذي نعتبره
يؤكدون من ناحية أخرى المستنيرة للعقيدة الدينية، تنوير ًّيا لا يبلغ في حدته ذلك
أن دعوتهم للعقلانية تجد الصراع الذي شهدته أوروبا
سن ًدا ومشروعيتها في وبالتالي فإن الحدود
الدين ،وأنه لا تعارض بين الفاصلة بين الفكر الديني
الدين والتنوير ،وإذا كانت
حركة التنوير في جوهرها وفكر التنوير في عالمنا
قد ارتبطت بالتحرر من العربي لا تبدو بالصورة
التي تسمح لنا بأن نضعها