Page 205 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 205

‫‪203‬‬         ‫الملف الثقـافي‬

‫روجر بيكون‬  ‫سلامة موسى‬       ‫جان كالفن‬                      ‫أو نزعة كلاسيكية (المرجع‬
                                                             ‫السابق‪ ،‬صص‪.)54 -53‬‬
     ‫عصر بعينه‪ .‬فالدرس‬         ‫“الحوار بين الحضارات‬       ‫وهكذا يؤكد الجزيري على أن‬
  ‫الحقيقي الذي ينبغي أن‬              ‫بين الواقع المعاش‬    ‫الهموم الحضارية ومشكلات‬
  ‫نتعلمه من هيردر هو أن‬
‫التنوير الحقيقي والأصيل‬         ‫والاستثمار السياسي”‪،‬‬            ‫الواقع تتعدد وتختلف‬
 ‫يتطلب نقده‪ ،‬ونقد التنوير‬           ‫ضمن كتاب‪ :‬التقاء‬         ‫بين مجتمع إلى آخر‪ ،‬ومن‬
                                                           ‫حضارة إلى أخرى‪ ،‬بل حتى‬
       ‫هو في حقيقة أمره‬      ‫الحضارات في عالم متغير‪:‬‬        ‫في المجتمعات والحضارات‬
 ‫تنوير‪ ،‬أما قداسة التنوير‬      ‫حوار أم صراع‪ ،‬تحرير‪:‬‬        ‫الواحدة من عصر إلى عصر‬
‫والتعامل معه كسلطة ثابتة‬         ‫ُعبادة ُكحيلة‪ ،‬القاهرة‪:‬‬  ‫ومن مرحلة إلى أخرى‪ ،‬وعلى‬
                               ‫منشورات مركز البحوث‬         ‫نحو ما أبان “هيردر”‪ ،‬فإن‬
    ‫لا سبيل إلى مناقشتها‬        ‫والدراسات الاجتماعية‪،‬‬        ‫لكل عصر صيغه وحلوله‬
     ‫فهو لا يعد تنوي ًرا في‬        ‫‪ ،2003‬ص‪.)273 .‬‬          ‫وأفكاره‪ ،‬فالبعض يجد ذاته‬
‫شيء بل هو نفى للتنوير‪.‬‬            ‫من هنا تتكشف عدم‬         ‫في الكتب المقدسة أو كلمات‬
  ‫وعلى هذا الأساس علينا‬
  ‫أن نتخذ نظرة نقدية من‬      ‫إمكانية توحيد الحضارات‬           ‫الأنبياء أو تقاليد الكهنة‪،‬‬
‫التنوير الغربي باعتبار أن‬    ‫أو مطابقتها من ناحية‪ ،‬كما‬     ‫والبعص يجدها في العلم أو‬
  ‫صور التنوير لا يشترط‬       ‫يتضح ضرورة الاستفادة‬           ‫الإحساس الفطري بالخير‬
     ‫بالضرورة أن تندمج‬
 ‫جميعها في صورة واحدة‬            ‫من تجارب الحضارات‬            ‫الطبيعي للبشر والذي لم‬
      ‫لا تختلف باختلاف‬        ‫الأخرى من ناحية أخرى‪،‬‬           ‫تفسده تأملات الفلاسفة‬
    ‫الشعوب والحضارات‪.‬‬          ‫لكن هذا لا ينبغي أن يتم‬        ‫ورجال اللاهوت‪ .‬وهكذا‬
     ‫ومن ناحية أخرى لا‬        ‫عن طريق محاكاة الكيفية‬
‫نستطيع أن نفصل التنوير‬                                          ‫تتعدد النظرات وتتعدد‬
                                 ‫التي نهضت بها الأمم‬             ‫الرؤى وتتعدد بالتالي‬
                                  ‫والحضارات الأخرى‬        ‫العصور والحضارات‪ ،‬وربما‬
                               ‫لفرضها على حضارة أو‬         ‫تتماثل الحضارات المختلفة‪،‬‬
                                                             ‫لكن الحضارات نفسها لا‬
                                                             ‫يمكن أن تتوحد وتتطابق‪.‬‬
                                                          ‫وكل حضارة تطبع ما أخذته‬
                                                           ‫من غيرها بطابعها الخاص‪.‬‬
                                                              ‫فالفلسفة اليونانية عندما‬
                                                          ‫امتصتها الحضارة الرومانية‬
                                                             ‫أصبحت رومانية الطابع‪،‬‬
                                                                ‫وأرسطو أصبح عربيًّا‬
                                                             ‫عند العرب‪ ،‬ومدرسيًّا عند‬
                                                            ‫فلاسفة العصور الوسطى‬
                                                           ‫المسيحية‪ ،‬ونهضة مصر لم‬
                                                            ‫تكن مستطاعة بغير نهضة‬
                                                               ‫الشرق‪ ،‬وتسلقت روما‬
                                                          ‫ذروة مجدها على ظهر العالم‬
                                                          ‫بأسره‪( .‬د‪.‬مجدي الجزيري‪:‬‬
   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210