Page 200 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 200
العـدد 34 198
أكتوبر ٢٠٢1 الإلهي .فالإنسان يكون أقرب
إلى التفكير الإلهي عندما يفكر
ذاته ،بل وسيلة لتحقيق ذاتية وإحسا ًسا بالقدرة في نفسه ،في معاشه ومماته.
تق ُّدم الشعوب ونهضة على الفعل المستقل ،بل
المجتمعات .فالتراث عنده وفي المقابل ،يكون أبعد عن
ليس مستق ًّل عن الواقع ،بل تتضمن تح ُّققاتها العينية في التفكير الإلهي عندما يفكر في
جز ًءا منه ومو ِّج ًها له .إنه لا المجتمع والدولة ،أ ْي الحرية الله .فأهم ما يميِّز تفكيرنا في
يقع خارج التاريخ والمكان الاجتماعية والسياسية ضد هذه المرحلة هو الانتقال من
والزمان ،وبالتالي لا يمثِّل، صنوف الاستبداد الفردي التفكير في الأبدي إلى التفكير
بأي معنى ،حقيقة أبدية
مطلقة لا تخضع للتأويل أو والجماعي»(.)28 في التاريخي ،الانتقال من
التفسير أو وجهة النظر .كما -4المجتمع ،أ ْي الجماعة النظر في أحوال السماء إلى
أنه لا يش ِّكل وحدة كلية لا وروح التضامن والتكافل
تتجزأ يؤخذ كله أو ُيرفض بين أعضاء المجتمع .فالتنوير النظر في أحوال الأرض.
مرتبط بالإخاء والمساواة في هذه المرحلة أي ًضا« :تتبلور
كله. كارتباطه بالحرية .وعلى هذا،
فالبداية عند حسن حنفي بخلاف النظام الاشتراكي، ُمثل التنوير من جديد بعد
فإن النظام الإقطاعي والنظام انحسارها من الفجر إلى
«هي (التراث) وليس الرأسمالي كلاهما يعملان
(التجديد) من أجل المحافظة الغسق ،وعودتها من الشروق
ضد التنوير ،حيث يتم إلى الضحى .وهي نفس ُمثل
على الاستمرار في الثقافة احتكار امتلاك الأرض في التنوير في كل الثقافات ،شرقية
الوطنية ،وتأصيل الحاضر، الأ َّول ويتم احتكار رأسمال أو غربية ،يهودية أو مسيحية
أو إسلامية ،قديمة أو حديثة،
ودفعه نحو التق ُّدم، في الثاني.
والمشاركة في قضايا التغيير -5التاريخ ،أ ْي التق ُّدم، مثالية أو واقعية»(.)26
الاجتماعي .التراث هو نقطة فالتق ُّدم هو سنَّة الحياة وتتمثل هذه المُثل ،بحسب
والنكوص طارئ عليها .إنه
البداية كمسؤولية ثقافية ارتقاء البشرية َع ْب َر الزمان حسن حنفي ،في(:)27
وقومية ،والتجديد هو إعادة -1العقل ،الذي هو أعدل
تفسير التراث طب ًقا لحاجات من مرحلة إلى أخرى. الأشياء قسمة بين الناس وأ َّول
فالحقائق تكتمل في الزمان، ما خلق الله ،والذي منه اش ُتق
العصر .فالقديم يسبق والوحي يتقدم في التاريخ لفظ التنوير ،أ ْي أنوار العقل.
الجديد ،والأصالة أساس على مراحل من البداية إلى -2الطبيعة ،التي هي العقل
المعاصرة [ ]...التراث ليس النهاية .ولذلك تاق الإنسان وهي الفطرة ،فلا فرق بين
قيمة في ذاته إلا بقدر ما إلى حياة أبدية يستمر فيها الطبيعة والعقل والفطرة.
يعطي من نظرية علمية في ولا فرق بين الطبيعة المادية
تفسير الواقع والعمل على بعد الموت. والطبيعة الإنسانية .فالأولى
تطويره ،فهو ليس متح ًفا ُخلقت كمجال حيوي للثانية.
للأفكار نفخر بها وننظر خاتمة -3الحرية ،التي لا تعني
الفوضى العامة ،أ ْي غياب
إليها في إعجاب [ ]...بل بحسب حسن حنفي ،تتميِّز النظام والقانون ،بل تعني فهم
هو نظرية للعمل ،ومو ِّجه المجتمعات الإنسانية عن الضرورة .فالفعل المتح ِّقق هو
للسلوك ،وذخيرة قومية التجمعات الحيوانية بأنها نتيجة تقا ُبل مساري الحرية
يمكن اكتشافها واستغلالها مجتمعات تراثية تحتفظ والضرورة .فالحرية «بلا
واستثمارها من أجل إعادة بتاريخها الماضي الذي ضرورة عشوائية ،والضرورة
بناء الإنسان( ،)29ذلك البناء بلا حرية موت .ولا تعني
يمثِّل سج ًّل لحياتها ومرآة
الذي بدونه تتحطم كل لروحها .والتراث بالنسبة الحرية فحسب تجربة
الجهود الرامية إلى التطور لحسن حنفي ليس غاية في
والتنمية .فالثورة الإنسانية