Page 202 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 202

‫العـدد ‪34‬‬                                           ‫‪200‬‬

                                                         ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬                                ‫د‪.‬حمدي عبد الحميد الشريف‬

    ‫تلمس مفهوم التنوير‬         ‫اهتم الأستاذ الدكتور‬      ‫قراءة في كتابه (التنوير والحضارة عند هيردر)‬
  ‫ضمن السياق التاريخي‬                                         ‫الدرس الفلسفي للتنوير عند الجزيري‪..‬‬
  ‫والحضاري الذي تخلق‬            ‫محمد مجدي الجزيري‬
                                 ‫(‪.. -1942‬؟) بمسألة‬
   ‫فيه‪ ،‬ويمضي ليتحدث‬           ‫التنوير‪ ،‬بل يمكن القول‬
  ‫عن الإنسان عند هيردر‬       ‫إن كل كتاباته تدور حول‬
‫بوصفه المدخل إلى دراسة‬            ‫هذه المسألة (بالمعنى‬
  ‫الحضارة الإنسانية‪ ،‬ثم‬       ‫العام للتنوير الذي يشير‬
   ‫يتناول مسألة إنسانية‬        ‫إلى إعمال العقل وتحكيم‬
‫اللغة‪ ،‬والسياسة والمنظور‬    ‫المنطق في تصريف الشئون‬
‫الحضاري‪ ،‬ويختتم كتابه‬         ‫الإنسانية‪ ،‬وليس بالمعنى‬
                                ‫الخاص الذي يشير إلى‬
    ‫بالحديث عن النسبية‬      ‫عصر تاريخي بعينه عرفته‬
       ‫التاريخية والتقدم‬         ‫أوروبا خلال القرنين‬
             ‫الحضاري‪.‬‬           ‫السابع والثامن عشر)‪.‬‬
                                  ‫وانطلا ًقا من تركيزه‬
‫والتنوير ‪-‬أسا ًسا‪ -‬حركة‬         ‫على هذه القضية‪ ،‬كتب‬
   ‫فكرية أوروبية ظهرت‬          ‫الجزيري دراسته المهمة‬
     ‫وانتشرت في أوروبا‬      ‫التي عنونها بـ»نقد التنوير‬
      ‫خلال القرن الثامن‬          ‫عند هيردر»‪ ،‬ثم إعادة‬
                            ‫نشرها تحت عنوان التنوير‬
‫عشر‪ ،‬وقد انبثقت فلسفة‬       ‫والحضارة عند هيردر (في‬
  ‫التنوير عن تلك الحركة‬       ‫دار الوفاء بالإسكندرية)‪.‬‬
 ‫الفكرية العلمية المعروفة‬       ‫في هذا الكتاب يقدم لنا‬
    ‫باسم حركة (النهضة‬          ‫الجزيري رؤيته النقدية‬
 ‫الإنسانية)‪ ،‬وكان القوام‬     ‫لمفهوم التنوير‪ ،‬ويؤكد على‬
 ‫الأساسي لفلسفة عصر‬           ‫دراسته من منظور نقدي‬
 ‫التنوير هو تمجيد العقل‬       ‫بدل التعامل معه على أنه‬
   ‫وتحكيم المنطق وإعلاء‬        ‫مجرد قناع أو مجموعة‬
   ‫شأن الإرادة الإنسانية‬    ‫مقالات منفصلة عن الواقع‪،‬‬
                                  ‫فليس التنوير مجرد‬
‫التي تمنح الإنسان القدرة‬       ‫سلعة بل إنه فكرة حياة‬
 ‫على استيعاب الأمور من‬          ‫شأنه في ذلك شأن كل‬
  ‫حوله وتحسين ظروفه‪،‬‬        ‫المواقف والقضايا والأفكار‬
  ‫وكانت المعرفة والحرية‬          ‫التي لا ينبغي التعامل‬
  ‫والسعادة هي الأهداف‬            ‫معها باعتبارها مجرد‬
    ‫الرئيسية وراء إضفاء‬      ‫اكليشيهات جاهزة لا تقبل‬
‫العقلانية على طريقة حياة‬        ‫النقد أو التعقيب‪ .‬ويبدأ‬
    ‫البشر‪ .‬ومع «هيردر»‬         ‫الجزيري كتابه بمحاولة‬
    ‫‪(Johann Gottfried‬‬
      ‫)‪-1744( Herder‬‬
       ‫‪ )1803‬جاء النقد‬
 ‫الأساسي لفلسفة عصر‬
‫التنوير‪ ،‬إذ كان يراها أنها‬
   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207