Page 195 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 195

‫بحسب حسن حنفي‪ ،‬إ َّن انتزاع‬                                        ‫حسن حنفي‬
 ‫المذاهب أو المناهج الغربية المع َّدة‬
                                                                ‫الإسلام» و»معركة الإسلام‬
     ‫سل ًفا من بيئتها التي نشأت فيها‬                                ‫والرأسمالية» و»السلام‬
   ‫ومحاولة غرسها أو استخدامها في‬                                      ‫العالمي والإسلام» إلى‬
   ‫بيئة أخرى غريبة عليها ُي ْس ِفر حت ًما‬                          ‫«معالم في الطريق»‪ ،‬يك ِّفر‬
  ‫عن ازدواجية في الثقافة بين الوافد‬
  ‫والموروث تصل أحيا ًنا إلى ح ّد الصراع‬                           ‫المجتمع‪ ،‬ويضع تقاب ًل بل‬
‫بينهما‪ .‬فلكل فعل رد فعل‪ ،‬فالتغريب‬                              ‫تناق ًضا وتضا ًّدا بين الإسلام‬
‫يؤدي إلى السلفية‪ ،‬والقفز على الحاضر‬
 ‫إلى المستقبل يؤدي بدوره إلى القفز‬                                ‫والجاهلية‪ ،‬الله والطاغوت‪،‬‬
                                                                 ‫الإيمان والكفر‪ .‬ولن يقضي‬
                ‫على الحاضر إلى الماضي‪.‬‬                          ‫الإسلام على نقائضه إلا [عن‬
                                                               ‫طريق] جيل قرآني فريد تحت‬
    ‫والتعليم وإنشاء العديد‬       ‫الغربي على يد أحمد لطفي‬       ‫شعار «لا إله إلا الله» وإعلان‬
  ‫من مراكز البحث العلمي‬           ‫السيد‪ ،‬وطه حسين‪ ،‬وعلى‬          ‫الحاكمية»(‪ .)14‬وهكذا تح َّول‬
                                  ‫عبد الرازق‪ ،‬وخالد محمد‬
      ‫وتأسيس الجامعات‪،‬‬          ‫خالد‪ .‬وبالرغم من محاولات‬            ‫التنوير الإسلامي داخل‬
   ‫إلا أ َّن البداية لديه كانت‬                                   ‫السجون إلى خطاب أصولي‬
  ‫الدولة‪ ،‬وكانت الإنجازات‬             ‫بعض هؤلاء المفكرين‬         ‫متش ِّدد على مستوى الفكر‪،‬‬
 ‫تتم باسم السلطة‪ ،‬وكانت‬            ‫إعادة التوازن بين الوافد‬
 ‫الأولوية للرئاسة‪ .‬فأصبح‬          ‫والموروث‪ ،‬بدت الليبرالية‬          ‫وجماعات تنتهج العنف‬
    ‫المثقفون كلهم موظفين‬           ‫معادية للإسلام كمنهاج‬       ‫المسلح على مستوى الممارسة‪.‬‬
   ‫في الدولة لا يستطيعون‬                                        ‫حدثت كبوة مماثلة في التيار‬
    ‫الخروج عليها‪ .‬وانتهى‬             ‫شامل للفرد والمجتمع‪.‬‬
 ‫الأمر [‪ ]...‬إلى أ ْن أصبحت‬     ‫فأصبحت الليبرالية علمانية‬            ‫الليبرالي‪ ،‬فبعد أ ْن أقام‬
‫الدولة أداة قمع للمعارضة‬                                           ‫الطهطاوي تواز ًنا متعاد ًل‬
                                      ‫خالصة‪ ،‬ما أسفر عن‬          ‫بين التراث القديم والتنوير‬
     ‫أو ًل ثم لباقي الشعب‬        ‫احتدام الصراع بينها وبين‬        ‫الغربي‪ ،‬بدأ هذا التوازن في‬
  ‫ثانيًا‪ .‬واستمدت سلطتها‬          ‫الأصولية إلى ح ِّد الاقتتال‬       ‫الاختلال لصالح التنوير‬
  ‫من العسكر دونما حاجة‬
  ‫إلى جهاز دولة‪ ،‬فالعسكر‬                    ‫وسفك الدماء‪.‬‬
                                    ‫وعلى مستوى الممارسة‬
    ‫قادرون على كل شيء‪.‬‬
‫ومن ثم انتهت الليبرالية إلى‬           ‫السياسية‪ ،‬فإن التيار‬
                                       ‫الليبرالي «بالرغم من‬
 ‫عكس ما بدأت منه‪ ،‬وبدل‬            ‫شعبيته وإنجازاته العملية‬
 ‫أ ْن كانت الدولة تعبي ًرا عن‬           ‫من أجل بناء الدولة‬
 ‫العقد الاجتماعي أصبحت‬           ‫الحديثة وتخطيطه للزراعة‬
                                       ‫والصناعة والتجارة‬
   190   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200