Page 194 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 194

‫العـدد ‪34‬‬           ‫‪192‬‬

                                                             ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬  ‫وتم ُّثل للغرب وتغيير للواقع‪،‬‬
                                                                          ‫والفكر العلمي العلماني ثورة‬
  ‫بحيث أصبح تيا ًرا سلفيًّا‬         ‫الثوري‪ ،‬فآثر التريث‬
              ‫خال ًصا»(‪.)13‬‬      ‫والهدوء وا ِّتباع سياسة‬                      ‫على القديم وتم ُّثل للغرب‬
                              ‫النفس الطويل في الإصلاح‬                           ‫وتغيير للواقع‪ ،‬والفكر‬
‫ثم َظ َه َر على الساحة حسن‬     ‫والتحرير بد ًل من الصدام‬                        ‫السياسي الليبرالي تم ُّثل‬
   ‫البنا‪ ،‬تلميذ رشيد رضا‬
  ‫في دار العلوم‪ ،‬الذي أعاد‬                   ‫والمواجهة‪.‬‬                   ‫للقديم وتم ُّثل للغرب من أجل‬
                                ‫وبعد قيام الثورة الكمالية‬                  ‫بناء الواقع‪ .‬الإصلاح الديني‬
‫إصدار «المنار» بعد تو ُّقفها‬  ‫ثم إلغاء الخلافة الإسلامية‬                   ‫رد فعل على القديم بالإحياء‪،‬‬
  ‫لمدة عام‪ .‬وأراد استكمال‬                                                   ‫والفكر العلمي العلماني رد‬
                                   ‫وإعلان الجمهورية في‬
‫المشروع الأفغاني بتجسيد‬             ‫أكتوبر ‪ ،1923‬خشي‬                           ‫فعل على الغرب بالتم ُّثل‪،‬‬
   ‫الأيديولوجيا الإسلامية‬       ‫رشيد رضا‪ ،‬تلميذ محمد‬                      ‫والفكر السياسي الليبرالي رد‬
                                ‫عبده‪ ،‬من تكرار النموذج‬
 ‫الثورية في حزب إسلامي‬           ‫التركي ‪-‬الذي تبنَّى نمط‬                    ‫فعل على الواقع ذاته بإعادة‬
     ‫ثوري ُيناط به تحقيق‬          ‫التحديث الغربي و َق َط َع‬                 ‫بنائه‪ .‬فكل رافد يكشف عن‬
      ‫المشروع الإسلامي‪.‬‬             ‫كل صلة مع الموروث‬
                              ‫القديم‪ -‬في باقي دول ال َعا َل‬                    ‫موقف حضاري واسع‪،‬‬
   ‫فأ َّسس جماعة الإخوان‬        ‫الإسلامي‪« :‬فارت ّد سلفيًّا‬                  ‫وبالتالي قد تتقارب الروافد‬
  ‫المسلمين التي كانت أحد‬        ‫محاف ًظا مم ِس ًكا بالماضي‪،‬‬
 ‫روافد الحركة الوطنية في‬        ‫ما ًّدا جذوره إلى محمد بن‬                      ‫الثلاث أكثر مما تتباعد‪،‬‬
‫الأربعينيات‪ ،‬وأحد مصادر‬           ‫عبد الوهاب الذي تمتد‬                        ‫وتجتمع أكثر مما تتف َّرق‪،‬‬
   ‫تكوين الضباط الأحرار‪.‬‬       ‫جذوره إلى ابن تيمية الذي‬                      ‫وتتفق فيما بينها أكثر مما‬
                                   ‫تمتد جذوره إلى أحمد‬
    ‫لكن بعد استشهاده في‬          ‫بن حنبل الرافض حداثة‬                                     ‫تختلف»(‪.)12‬‬
  ‫عام ‪ 1949‬وقيام الثورة‬         ‫العصر‪ ،‬وتش ُّعبات الفكر‪،‬‬
   ‫المصرية في عام ‪،1952‬‬            ‫وتش ُّتت الأمة محتميًا‬                   ‫‪ -2‬غسق التنوير‬
‫َن َش َب الصراع بين الإخوان‬     ‫بالنص من مخاطر العقل‪.‬‬
   ‫والثورة على السلطة في‬      ‫فتقلص الإصلاح مرة ثانية‬                       ‫بدأت هذه المرحلة مع بداية‬
   ‫عام ‪« :1954‬دخل سيد‬                                                     ‫أُ ُفول التيارات الرئيسة الثلاثة‬
‫قطب بعدها السجن‪ ،‬وتحت‬
 ‫أهوال التعذيب‪ ،‬تحول من‬                                                         ‫التي كانت تمثِّل مرحلة‬
                                                                            ‫فجر التنوير‪ .‬فمرحلة غسق‬
    ‫«العدالة الاجتماعية في‬                                                ‫التنوير‪ ،‬على ح ّد تعبير حسن‬

                                                                                    ‫حنفي‪ ،‬هي مرحلة‬
                                                                               ‫الأفول وانقلاب التنوير‬
                                                                                ‫العربي من النقيض إلى‬
                                                                               ‫النقيض‪ ،‬وكأن شيئًا لم‬

                                                                                              ‫يحدث‪.‬‬
                                                                                    ‫فبعد فشل الثورة‬
                                                                                   ‫العرابية الذي انتهى‬
                                                                                  ‫بالاحتلال الإنجليزي‬
                                                                                   ‫لمصر‪ ،‬تراجع محمد‬
                                                                                 ‫عبده‪ ،‬تلميذ الأفغاني‪،‬‬
                                                                                     ‫عن التصور العام‬

                                                                                      ‫الشامل للإسلام‬
   189   190   191   192   193   194   195   196   197   198   199