Page 192 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 192
العـدد 34 190
أكتوبر ٢٠٢1 للخلف»(.)3
وبحسب حسن حنفي ،تعود
الأيديولوجية الإسلامية كما يذهب حسن حنفي،
الثورية ،التي كانت يمثِّل التنوير ،كمصطلح، بداية معركة التنوير لدينا
صورة فنية أثيرة في الثقافة إلى تراثنا القديم ،ويشير
الثورة العرابية استجابة العربية الإسلامية ،صورة حسن حنفي بذلك إلى معركة
لها .وتوالت الثورات
مشتقة من لفظ النور؛ التنوير بين الأشاعرة
وحركات الاستقلال في واستكما ًل لهذه الصورة، والمعتزلة ،تلك المعركة التي
السودان وليبيا والمغرب يمكن تقسيم التنوير إلى
والجزائر .وامتدت النهضة مراحل تتمثل فيما يلي(:)6 ازدهرت وبلغت القمة في
الإسلامية إلى الهند ،فظهر القرن الرابع الهجري ،والتي
-1فجر التنوير
أحمد خان مداف ًعا عن العربي َح َم َل فيها المعتزلة لواء
الحداثة والعصرية ،ثم التنوير ،حيث تبنَّوا نفس
ظهر محمد إقبال مؤ ِّس ًسا بدأ فجر التنوير العربي ،أو الأفكار التي ظهرت فيما
الذاتية المستقلة باسم بالأحرى النهضة العربية، بعد في القرن الثامن عشر:
الاجتهاد من دون التقليد. بثلاث بدايات متمايزة قبل الحرية ،العقل ،الطبيعة ،روح
وتمثلت بداية هذه الحركة حوالي قرنين من الزمان. التضامن ،التق ُّدم .وبالتالي
الإصلاحية في الحركة يمكن ،على ح ّد تعبير حنفي،
الوهابية التي رفضت كل تمثلت البداية الأولى في «الغوص في فكرة التنوير
أشكال الوساطة بين الله حركة الإصلاح الديني، الاعتزالية القديمة وإكمال
والإنسان ،وإ ْن َغ َل َب النقل وذلك بالشروع في التخلص
عندها على العقل .وبوجه من ُروح المحافظة والنظرة الفكر الاعتزالي كبديل
عام« ،كان لهذا التيار الأحادية في العقيدة (المذهب للأشاعرة الذين ُحسمت
[الإصلاحي الديني] الفضل المعركة لصالحهم لأسباب
في الدفاع عن الهوية، الأشعري) والشريعة سياسية»( .)4وهذا ما حاول
وتوحيد الأمة ،وخروج (الشافعية) ،ومن ثم ر ّد القيام به إلى ح ّد ما كل من
معظم حركات التح ُّرر الاعتبار للفرق والمذاهب جمال الدين الأفغاني ومحمد
الأخرى التي كانت تمثِّل عبده ،لكن هذه المحاولة ت ّم
الوطني منها لمقاومة الرأي الآخر ،فأصبح محمد إجهاضها على يد رشيد رضا.
الاستعمار والصهيونية»(.)7 عبده أشعر ًّيا في التوحيد ومن هذا المنطلق ،يرى حسن
معتزليًّا في العدل ،واع َت َب َر حنفي أ َّن المهمة المطروحة
أما البداية الثانية ،فقد الآن على التنوير هي إكمال
تمثلت في التيار السياسي الشيخ شلتوت المذهب الطريق عن طريق إحياء
الليبرالي الذي تبنَّاه رفاعة الجعفري في الفقه مذهبًا المعتزلة كبديل للأشاعرة،
خام ًسا ،وتأ َّسست جماعة وهو أمر قد يتطلب عدة
الطهطاوي ليس تقلي ًدا أجيال ،والجيل الحالي سيم ِّهد
للغرب ،بل اجتها ًدا في التقريب بين المذاهب، الطريق فحسب من دون أ ْن
القديم« :حرص الفكر واندلعت الثورة الإسلامية يجني ثما ًرا .فمهمة الجيل
الليبرالي الحديث على الحالي هي تحويل الإصلاح
إيجاد التوازن بين القديم في إيران والمقاومة الديني الذي بدأه الأفغاني
والجديد ،بين ثقافة الأنا الإسلامية في جنوب لبنان، ومحمد عبده إلى نهضة
وثقافة الآخر من أجل خلق وظهر المعتزلة ال ُجدد يدعون
ثقافة واحدة تتجاوز ثنائية إلى العقل ،والحرية ،والأمر شاملة(.)5
الموروث والوافد [ ]...وكان بالمعروف والنهي عن المنكر،
من مآثر هذا التيار إبراز
و َو َض َع الأفغاني أُسس