Page 193 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 193

‫الملف الثقـافي ‪1 9 1‬‬

‫شبلي شميل‬  ‫رشيد رضا‬               ‫جمال الدين الأفغاني‬             ‫أهمية الحرية‪ ،‬والديمقراطية‪،‬‬
                                                                        ‫والدستور‪ ،‬والبرلمان‪،‬‬
  ‫الثقافة العربية ومواجهة‬         ‫حتى يقرأ العرب والمسلمون‬
  ‫القديم بالحديث‪ ،‬والبداية‬          ‫ِعل ًما جدي ًدا يتجاوزون به‬  ‫والتعددية الحزبية‪ ،‬والمساواة‬
  ‫بالعلوم الطبيعية‪ ،‬بكتاب‬                    ‫علوم القدماء(‪.)9‬‬          ‫في الحقوق والواجبات‬
‫الطبيعة المفتوح في مواجهة‬          ‫كان المقصود من ذلك‪ ،‬على‬
                                      ‫ح ّد تعبير حسن حنفي‪،‬‬            ‫أمام القانون‪ ،‬والعمران‪،‬‬
      ‫الكتاب القديم المُغلق‪،‬‬      ‫«إحداث (صدمة حضارية)‬             ‫والتصنيع‪ ،‬والتخطيط‪ .‬وقد‬
   ‫والخروج من الن ّص إلى‬              ‫بالوافد ليقظة الموروث‪،‬‬
    ‫ال َعا َل‪ ،‬ومن المقروء إلى‬                                       ‫أدى ذلك إلى نشأة الدولة‬
  ‫المُشاهد‪ ،‬ومن التأويل إلى‬       ‫وبالعلوم الجديدة‪ ،‬الطبيعية‬        ‫الحديثة في مصر وترسيخ‬
  ‫الإدراك‪ ،‬ومن ال َّسمع إلى‬             ‫والاجتماعية‪ ،‬لتجا ُوز‬    ‫النظام الديمقراطي الذي كان‬
                                       ‫العلوم القديمة الدينية‬      ‫سائ ًدا قبل الثورات العربية‬
               ‫البصر(‪.)11‬‬                      ‫والفقهية»(‪.)10‬‬       ‫في منتصف القرن التاسع‬
    ‫الواقع أ َّن هذه الروافد‬
   ‫الثلاث للنهضة الحديثة‬           ‫من أجل إحداث توا ُزن بين‬                        ‫عشر»(‪.)8‬‬
    ‫(تيار الإصلاح الديني‪،‬‬           ‫الوافد والموروث ت َّم إعادة‬       ‫وبالنسبة للبداية الثالثة‪،‬‬
    ‫التيار العلمي العلماني‪،‬‬                                          ‫فقد تمثَّلت هذه البداية في‬
 ‫التيار السياسي الليبرالي)‬            ‫إنتاج نظرية التطور من‬        ‫التيار العلمي العلماني الذي‬
 ‫«إنما ُتمثِّل موق ًفا حضار ًّيا‬     ‫التراث القديم في أصوله‬      ‫أ َّسسه شبلي شميل‪ .‬يؤكد هذا‬
     ‫واح ًدا ذا ُشع ٍب ثلاث‪:‬‬         ‫الأولى في القرآن الكريم‪.‬‬     ‫التيار‪ ،‬من ناحية‪ ،‬على أهمية‬
‫الموقف من القديم‪ ،‬والموقف‬         ‫ف ُتذكر آيات خلق الجنين في‬      ‫اكتشاف قوانين الطبيعة عن‬
                                  ‫رحم الأم‪ ،‬وآيات الح ِّث على‬     ‫طريق ال ِعلم الحديث من أجل‬
      ‫من الغرب‪ ،‬والموقف‬             ‫التأمل في مظاهر الطبيعة‬        ‫السيطرة عليها‪ ،‬ومن ناحية‬
      ‫من الواقع‪ .‬فالحركة‬           ‫[‪ ]...‬وقد كان من مآثر هذا‬        ‫أخرى‪ ،‬على أهمية تأسيس‬
  ‫الإصلاحية إحياء للقديم‬             ‫التيار فتح رافد جديد في‬      ‫مجتمع مدني ُح ّر عن طريق‬
                                                                     ‫العقد الاجتماعي‪ ،‬مجتمع‬
                                                                     ‫يقوم على مبدأ «الدين لله‬

                                                                            ‫والوطن للجميع»‪.‬‬
                                                                     ‫ولما كانت الطبيعة في ذلك‬
                                                                   ‫الوقت هي الطبيعة الحيوية‬
                                                                   ‫وعلوم الحياة التي سادتها‬
                                                                      ‫نظرية التطور‪ ،‬أصبحت‬
                                                                  ‫نظرية التطور نموذج ال ِعلم‪،‬‬
                                                                   ‫ليس فقط الطبيعي الحيوي‬
                                                                 ‫بل أي ًضا الإنساني‪ .‬كل شيء‬
                                                                      ‫يتطور‪ ،‬ليس فقط الحياة‬
                                                                   ‫العضوية بل الحياة العقلية‪.‬‬
                                                                    ‫[فض ًل عن] الدين‪ ،‬والعلم‪،‬‬
                                                                   ‫والفن‪ ،‬والقانون‪ ،‬والتاريخ‪،‬‬

                                                                       ‫والسياسة‪ ،‬والاجتماع‪،‬‬
                                                                  ‫والأخلاق‪ ،‬والتربية‪ .‬و ُترجم‬
                                                                 ‫كتاب «أصل الأنواع» لدارون‬
   188   189   190   191   192   193   194   195   196   197   198