Page 214 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 214

‫العـدد ‪34‬‬           ‫‪212‬‬

                                                              ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬      ‫شديد الاختلاف في الثقافة‬
                                                                                ‫«الباريزية» وهي عاصمة‬
      ‫وقال إن المرجح لدى‬      ‫مسج ًدا‪ ،‬ولا يهودي في بنائه‬                       ‫«فرانسا» أو «قاعدة ملك‬
 ‫الباريسيين بخصوص تلك‬           ‫بيعة‪ ،‬إلى آخره كما سيأتي‬                        ‫الفرنسيس»‪ ،‬إذ يرى أن‪:‬‬
 ‫القضية أن يصدقوا العلوم‬           ‫في سياستها‪ .‬ولعل هذا‬                       ‫«الغالب على أهلها البشاشة‬
                                ‫كله هو علة تخصيص ولي‬                           ‫في وجوه الغرباء ومراعاة‬
    ‫ويولوها ثقتهم‪ ،‬لكنه لم‬     ‫النعم لها بإرساله فيها أبلغ‬                   ‫خاطرهم‪ ،‬ولو اختلف الدين‪،‬‬
  ‫يشر على عكس المتوقع إلى‬      ‫من أربعين نف ًسا لتعلم هذه‬                  ‫وذلك لأن أكثر أهل هذه المدينة‬
 ‫الاصطلاح التاريخي المعبّر‬                                                     ‫إنما له من دين النصرانية‬
 ‫عن هذه القضية من التراث‬      ‫العلوم المفقودة‪ .»..‬هذا المقطع‬                    ‫الاسم فقط‪ ،‬حيث لا يتبع‬
‫الديني العربي‪ ،‬سواء بوجهه‬          ‫الف ّذ من كتاب «تخليص‬                   ‫دينه‪ ،‬ولا غيرة له عليه‪ ،‬بل هو‬
 ‫المنحاز للدين كما في مقولة‬                                                   ‫من الفرق المح ّسنة والمقبّحة‬
                                ‫الإبريز في تلخيص باريز»‬                     ‫بالعقل‪ ،‬أو فرق من الإباحيين‬
    ‫“تقي الدين ابن تيمية”‬     ‫نستطيع أن نثبت على هامشه‬                     ‫الذين يقولون أن كل عمل يأذن‬
 ‫(‪1328 -1263‬م) اللزومية‬                                                     ‫فيه العقل صواب‪ ،‬فإذا ذكرت‬
  ‫أو الإلزامية (الدوجمائية)‪:‬‬    ‫بعض الملاحظات التحليلية‪،‬‬                     ‫دين الإسلام في مقابلة غيره‬
‫“المعقول الصريح لا يخالف‬                         ‫أهمها‪:‬‬                      ‫من الأديان أثنى على سائرها‬
                                                                                 ‫من حيث أنها كلها تأمر‬
   ‫المنقول الصحيح”‪ ،‬أو في‬         ‫‪ -1‬ربط “رفاعة” الطابع‬                      ‫بالمعروف وتنهى عن المنكر‪،‬‬
   ‫وجهها الفلسفي الرشد ّي‬       ‫الغيري الحسن والسلوكي‬                      ‫وإذا ُذكرت له في مقابلة العلوم‬
‫المنحاز للعقل‪ ،‬كما في مقولة‬     ‫الأخلاقي الجيد في معاملة‬                      ‫الطبيعية قال‪ :‬إنه لا يصدق‬
  ‫الفيلسوف “ابو الوليد ابن‬                                                 ‫بشيء مما في كتب أهل الكتاب‬
   ‫رشد” (‪1198 -1126‬م)‬             ‫الفرنسيين لغيرهم بمبدأ‬                    ‫لخروجه عن الأمور الطبيعية‪.‬‬
                              ‫التسامح وبالموقف من الدين‬                    ‫وبالجملة ففي بلاد الفرنسيس‬
     ‫الذي يتفق مع المعتزلة‬                                                    ‫يباح التعبد بسائر الأديان‪،‬‬
     ‫(والباريزيين بعد ذلك‬          ‫الذي لا يوجد لدى أهل‬                       ‫فلا ُيعارض مسلم في بنائه‬
  ‫يتفقون معه طب ًعا) في أن‪:‬‬   ‫باريس “غيرة عليه”‪ ،‬وربطه‬
   ‫«الحسن ما ح ّسنه العقل‬     ‫من جهة أخرى بسلطة العقل‬
   ‫والقبيح ما قبّحه العقل»‪،‬‬
    ‫واقترح «ابن رشد» بناء‬       ‫أو بالفعالية العقلانية (كل‬
      ‫على ذلك التأويل ح ًّل‬   ‫عمل يأذن به العقل صواب)‪،‬‬
   ‫عندما يقع التعارض بين‬      ‫وهو يستخدم ‪-‬بطريقة ذات‬
    ‫المعقول الفلسفي العلمي‬
   ‫والمنقول النصي الديني‪.‬‬         ‫مدلول مو ٍح ومحوري‪-‬‬
    ‫وليس من اليسير القول‬        ‫المصطلح التاريخي لمدرسة‬
  ‫لتبرير غياب تلك الإشارة‬
     ‫الهامة أن «رفاعة» كان‬       ‫العقلانية العربية المندثرة‬
‫يجهل التراث الرشد ّي الذي‬         ‫في تراثنا الديني‬
     ‫سقطت بسقوط منهجه‬          ‫(مدرسة الاعتزال)‬
‫العقلانية العربية‪ ،‬وانتصرت‬    ‫بأصلها الشهير بين‬
 ‫بانتقال منهجه إلى فلاسفة‬       ‫أصولها الخمسة‪:‬‬
 ‫القرون الوسطى في أوروبا‬
   ‫العقلانية الأوروبية‪ ،‬إنما‬       ‫مبدأ التحسين‬
   ‫التصور الأقرب للمعقول‬       ‫والتقبيح العقليين‪.‬‬
     ‫أن «الطهطاوي» خشي‬         ‫‪ -2‬أشار “رفاعة”‬
                                ‫إلى قضية الصدام‬

                                    ‫(المقابلة) بين‬
                               ‫نصوص ومقولات‬

                                   ‫الكتب المقدسة‬
                                      ‫ومكتشفات‬

                                  ‫ونظريات العلم‪،‬‬
   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219