Page 30 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 30
العـدد 34 28
أكتوبر ٢٠٢1
التعليم ،استمع إلى د.أيمن تعيلب الذي يصف هذا إلى «حل» لأعقد مشاكلنا وهي (التعليم) ،الذي لم
المشهد العبثي ببراعة واقتدار ويأخذك إلى أسبابه يعد مسئولية جهة محددة ،بل تساهم فيه وزارات
ونتائجه في أوجز عبارة فيقول« :إن ثمة علاقة عدة وجهات عديدة ،لا يشير أداء هذه الجهات
راسخة بين فيروس الطاعة والاستسلام وفوضى والوزارات إلى وعي حقيقي بخطورة المسألة ،التي
تتفرع عنها كل مشاكلنا ،وفي اللحظة التي نعرف
اللغة وارتباكات التعبير ،وانفلات التفكير ،وعدم
الوضوح والميوعة والسطحية والروغان في فيها -بصدق -لماذا نتعلم ،وما الذي ننتظره من
المنتج التعليمي ،في هذه الحال يتم وضع برنامج
الحياة» ،ستجد أن هذا الخريج الذي تعرض لمسخ تعليم (حقيقي) يهدف إلى غاية (حقيقية) بعي ًدا عن
الهوية لا يتغير كثي ًرا بعد توليه أعلى مناصب هذه الشعارات التي نحيا بها ،هنا تكون كتابات
الدولة ،التي لا يصل إليها إلا بكثير من الحيل
د.أيمن تعيلب عن التعليم ومشاكلة ذات قيمة
غير البريئة ،ويحافظ على بقائه فيها بحيل أشد وجودية ،لأنها ناقوس خطر حقيقي يقرعه د.أيمن
مك ًرا ،ويعيد هذا الخريج /المسئول إنتاج نفس
العقلية الهامشية والسطحية والعشوائية التي تعيلب كي نفيق من هذه الشعارات الجوفاء التي
غرسها فيه تعليم أنتج حالة من التصحر اللغوي، صارت تغلف حياتنا.
هو الموازي الثقافي للتصحر الروحي والجمالي
والأخلاقي ،فنتوه في ضروب من العشوائيات ما من جهة تعليمية الآن ،إلا وتضع لها (رسالة)
اللغوية الغامضة المدلهمة ،التي لا تقل خطورة و(رؤية) وتكتب عشرات الصفحات في توصيف
وتدمي ًرا بحال من الأحوال عن العشوائيات هذه الرؤية وتلك الرسالة .وسأحدثك عما أثق
السكانية والاقتصادية والاجتماعية والمرورية في علمي به ،وهو الجامعة .فالجامعة وضعت
والإدارية ،كما يقول د.أيمن تعيلب .في هذه الحال لها رؤية ورسالة ،بموجبها وضعت كل كلياتها
يتحول جهادنا في الحياة إلى جهاد لفظي ،وحروب رؤية ورسالة ،وفي ضوء ذلك تم صنع (لائحة)
كلامية ،وتقوم هذه «الشعارات» بالمهمة على خير للكلية ،إذا قرأت هذه الأشياء (عن الجامعة عمو ًما،
وجه .نتحول من شعار إلى شعار ،وننحاز إلى هذا والكلية خصو ًصا) ستشعر بالعبث الذي نعيشه،
الشعار ،ونلعن ذاك ،وتظل الحياة (الجامعة ،لأنها بعد أن يتحول كل شيء إلى شعارات براقة،
كانت مدار القول) منتجة لشعارات ومستهلكة وهي شعارات تخنق العملية التعليمية وتخفيها،
لها ،فتجد أعذب حديث عن (رسالة الجامعة) فالشعارات -كما يقول عبد المنعم رمضان -لا
يعلم الكثيرون إنها مشانق ،فإن لم تكن فهي
و(رؤية الجامعة) و(رؤية الكلية) و(رسالة
الكلية) ،ويتم استهلاك طاقة المؤسسة في الاحتفاء زنازين ،فإن لم يكن فهي مصائد .وحراس
بهذه الشعارات ،وهي كلها حروب كلامية وجهاد الشعارات -إلا القليل منهم -سجانون وقتلة.
لفظي ،يوهمك إيها ًما بوجود «صحوة» لكنه وهم دعني أذ ّكرك بعبثية هذه الشعارات إذ أقدم وزير
التعليم العالي راف ًعا شعار نشر الوعي القومي
خائب ،يقوم على فائض من الاستهلاك اللفظي،
ويلح الدكتور أيمن على وجود «هدر لفظي» في وتعزيز قيمة المواطنة والانتماء ،وذلك بعمل
حياتنا ،ويؤكد على هذا التطاحن اللفظي ،والإنتاج «طابور الصباح» في أول يوم جامعي ،وتحية
اللفظي الزائد عن الحاجة ،والذي يعمل على قتل العلم ،في وجود إدارة الجامعة ونخبة من العمداء
المواقف الحقيقية ،بعد أن يتحول كل شيء إلى والوكلاء والأساتذة ،وتم الترويج لهذا الحدث
«لغط لفظي» .وهذه فقرات من الكتاب تغنيك عن الذي احتشدت له وسائل إعلام ،باعتباره فت ًحا
مبينًا ،وبسبب من نجاح هذه الاحتفالية قام السيد
أي تعليق: الوزير بجولات لاستنساخ نفس التجربة في عدة
لعلني ألمح -الآن -الارتباط الوثيق بين فقر جامعات مصرية ،كل ذلك بقصد نشر الوعي
مناهج التعليم وطرائقه في بلادنا وطبيعة الأداء
اللغوي في حياتنا ،التي لا تتبين آفاق حياتنا القومي وتعزيز قيمة المواطنة والانتماء.
إن صنّاع هذا الحدث هم العقلية التي أنتجها هذا